وحدة المعارضة السورية

ت + ت - الحجم الطبيعي

لعل المشكلة الأكبر في الأزمة السورية في مرحلتها الراهنة هى عدم وجود معارضة موحدة جاهزة لإدارة البلاد لمرحلة ما بعد الإطاحة بالأسد التي باتت وشيكة ، نظرًا لانقسام تلك المعارضة بين الداخل والخارج واختلاف توجهاتها، فبعضها ذات صبغة إسلامية ، والبعض الآخر ذات صبغة علمانية بما يتعذر القول بجاهزية تلك المعارضة لإدارة البلاد بعد حكم استبدادي قمعي استمر 40 عامًا، كما أن الجيش السوري الحر يفتقر إلى وجود هيكل قيادي منظم يشرف على تلك المجموعات، وهو ما أشارت إليه صحيفة النيويورك تايمز مؤخرًا عندما أعطت مثالاً لذلك محافظة إدلب التي دعا قائد الجيش السوري الحر فيها الميليشيات الوافدة إلى الانضمام إلى قواته لأنه لا يريد أي عداء أو توتر في منطقته على حد وصف الصحيفة.
 يمكن تلخيص الأزمة السورية في ضوء تلك التطورات بأنه بعد مضي ما يقرب من 17 شهرًا على بدء الانتفاضة الشعبية أصبح الصراع في سوريا يتخذ شكل حرب خفية تشارك فيها جماعات مسلحة من مختلف الأطياف العقائدية والطائفية بهدف رئيس هو السيطرة على الأرض، وهو ما يدفع إلى التخوف من سيناريو تحول الوضع إلى نسق الحرب اللبنانية الأهلية التي اندلعت أواسط السبعينيات واستمرت حتى نهاية الثمانينيات وكادت أن تؤدي إلى تقسيم لبنان.
 تكمن الخطورة في هذا الوضع المقلق من إمكانية اندلاع القتال بين قوات المعارضة نفسها من أجل السيطرة على الأرض، إلى جانب أن حالة الفوضى التي تعيشها سوريا الآن واتساع دوائر النزاع وتعدد الميليشيات المسلحة يمكن أن ينحرف بالثورة عن هدفها الرئيس وتحويل سوريا إلى ساحة لحرب أهلية مفتوحة تزعزع استقرار جيرانها، وخاصة لبنان، كما أن المناوشات الحدودية التي جرت مؤخرًا بين سوريا والأردن يمكن أن تؤدي إلى حرب بين البلدين، من شأنها لو اندلعت -لا سمح الله- أن تهدد أمن المنطقة بأسرها. التعقيد الذي آلت إليه الحالة السورية يتطلب من المعارضة توحيد وتنظيم صفوفها ومواقفها والالتفاف حول هدف موحد للحفاظ على وحدة سوريا أرضًا وشعبًا، وعدم إعطاء الفرصة لأي قوات أوميليشيات خارجية لاختراق صفوف الثورة وتحويلها عن مسارها وأهدافها الوطنية.

Email