الوطن - سلطنة عُمان

لكي تستعاد الحقوق

ت + ت - الحجم الطبيعي

أحيا أبناء الشعب الفلسطيني بجميع فصائله ومكوناته وطوائفه ذكرى النكبة الثانية والستين .. ذكرى اغتصاب فلسطين التاريخ والحضارة والثقافة والدين، وضياع هذا الحق ، تاركا جراحًا غائرة في ضمير الأمة العربية وفي الجسد الفلسطيني ، ولا تزال الأمة العربية تجني حصاده مرًّا علقمًا ، تطفئ حروبًا متوالية يشعلها بنو صهيون ، إمعانًا وطغيانًا في هضم الحق العربي وصولًا بكيانهم المزعوم زورًا وبهتانًا من النيل إلى الفرات.

وكلما مرت ذكرى أنكأت جراح سابقتها وما حصدته من تهاوٍ وهضم وقضم من الأرض الفلسطينية، ومما يؤسف له ونتيجة لذلك بدت هذه الذكريات ككرة ثلج كلما تدحرجت كبر حجمها، وأخذت في طريقها المزيد والمزيد من الحقوق الفلسطينية والعربية ، وإلى هذه اللحظة التي تشهد دخول الذكرى الثانية والستين للنكبة لم يستطع الفلسطينيون بشكل خاص ولا العرب بشكل عام إيجاد موانع توقف كرة الثلج أو أن تصل إلى ما يمكن أن يفتتها.

لقد كان الإحياء الفلسطيني أمس لذكرى النكبة لافتًا ويبعث كثيرًا من الآمال لدى ذوي الأصوات المطالبة بعودة الوحدة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الفلسطيني، عندما خرجت تلك الجموع الفلسطينية من مختلف الفصائل التي من بينها أكبر فصيلين منقسمين (فتح وحماس) في ملحمة فريدة من نوعها، متخلية عن رموزها وأعلامها، مؤكدة أن لا عَلم سوى علم فلسطين، وأن لا عودة للحق المسلوب إلا بعودة اللاجئين ، فعودتهم حق غير قابل للتصرف.

ومما زاد الآمال حياة ، والآمال ميلًا واتجاهًا نحو التحقق، أن كل هذه المظاهر الوطنية والوحدوية تمت في قطاع غزة المحاصر والصامد والشاهد على الإرهاب الإسرائيلي وجرائم الحرب الإسرائيلية والشاهد أيضًا على اليأس العربي ومدى هوانه وعجزه رغم كل المواقف التي اتخذت بفتح المعابر فورًا ورفع الحصار فورًا، إلا أنها كانت حبرًا على ورق وطارت مع الريح.

لا يختلف اثنان على أن الفلسطينيين هم الطرف الأصيل والمباشر في تمكين الكيان الإسرائيلي المحتل والغاصب لحقوقهم من أن يجعلهم أشتاتًا ويتجه ناحية تصفية قضيتهم ، أعطوه ـ للأسف ـ كل الذرائع لأن يستفرد بهم ويجعل منهم ثورًا أبيض وآخر أسود وثالثا أحمر.

ولعلنا لا نبالغ إذا قلنا الانقسام هو نكبة تضاف إلى نكبتهم الأولى ، وإن نكبتهم الثانية لهي أشد وأعظم ، بالنظر إلى ما آلت إليه نتائج انقسامهم ؛ سرطان استيطاني متسارع في كل أنحاء الجسد الفلسطيني ، تهويد لكل ما ينطق بالعربية والإسلامية هوية ولسانا، رفض لعودة اللاجئين والدوس بالأحذية على القرارات الأممية ، القدس عاصمة أبدية للكيان المحتل ، لا لدولة فلسطينية ، خطة بتهجير جديد لآلاف الفلسطينيين، حصار ظالم وإبادة جماعية، أليست نكبة أشد وأظلم؟

إن المطلوب ألا تمر هذه الذكرى إلا وتحققت تلك المشاهد الوطنية في قطاع غزة واقعا معاشا يرتضيه ويتمناه ويسعى إليه كل فلسطيني غيور على أرضه وكل عربي من المحيط الى الخليج، والتيقن بأن ما لم نصلح البيت أولا من داخله فلن ينظر إلينا من هو في الخارج ولن يلتفت إلينا ، إن إصلاح البيت أولًا وثانيًا وثالثًا والتمسك بالثوابت ، هو بداية الطريق نحو تفتيت كرة الثلج واستعادة الحقوق.

Email