فن تبليط البحر

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ماض في نطحه وشطحه دون حساب لردات فعل ذات قيمة ومعنى وهو بصريح العبارة يقول للقاصي والداني، اذهبوا فليس لكم غير «تبليط البحر»، فأنا ذاهب إلى بناء المستوطنات وتهويد القدس وجلب مليون من اليهود إلى ارض فلسطين.

وفرض حقائق على الأرض في ظل حالة الضعف العربية، التي ليس لديها غير مبادرة السلام المرمية على الطاولة، جثة هامدة في انتظار الأوكسجين «الصهيوأميركي» لكي ترى لها اشراقة حياة، وهيهات أن يعطينا القوم حفنة من حقوق مستلبة مادمنا فضلنا دور المسالمين، الذين استمرأوا الظل على دور المقارعين لخطط العدو وما يحيكه.

أليس من حزين المواقف أن توزع تل أبيب كل هذا الكم من التهديدات على الجميع، دون خشية من ردود الفعل أو حتى ان تتحرك في اتجاه إعادة النظر في إستراتيجية التعامل مع مجمل هذه التصرفات، هذا في حال وجود إستراتيجية من الأصل.

أليس من المضحك المبكي أن يدعو نتانياهو أبومازن رئيس السلطة في رام الله إلى طاولة المساومات، بينما يستمر زرع المستوطنين في الأرض وحفر الأنفاق، والوعد ببقاء أبدي في الضفة الغربية ورفض الاعتراف بجل الحقوق التي نصت عليها الاتفاقات الدولية.

وبالطبع ليس هناك ثمة سبيل أمام محمود عباس غير رفض التفاوض، لعلمه المسبق انه سيصل بذلك إلى طريق مسدود حيث لانهاية غير الانتحار السياسي. أمام المقارنة بين قوة أوراق المتفاوض الإسرائيلي ووهن ورقة الطرف الآخر الذي ألقى بكل أسلحته متشبثا بسلاح «سلام السراب».

وعندما سئل أبومازن في احدى زياراته عن الخيارات المتاحة أكد «لا سمح الله أن نأتي إلى انتفاضة جديدة، الشعب الفلسطيني لا يفكر بشأن إطلاق انتفاضة جديدة، الشعب الفلسطيني يفكر فقط في الطريق تجاه السلام والمفاوضات وليس في طريق اخر، لن نعود إلى انتفاضة لاننا عانينا أكثر مما ينبغي».. وكأن هذا الشعب يعيش في بحبوحة ونعيم مقيم.

أليس من غريب القول ان يطلب وزير الدفاع في الكيان ايهود باراك من حماس ضبط المقاومة وعدم إطلاق الصواريخ، مشيدا بقدرة الحركة على السيطرة على كافة الفصائل، والتزامها الهدوء أمام العدوان المتكرر على قطاع غزة، وما ذلك إلا لعلم باراك أن همجية حرب الرصاص المصبوب وكمية الضحايا بين المدنيين الأبرياء كانت بمثابة ردع لأي عمل نوعي تفكر فيه كتائب المقاومة، وفي ظل هذا الحصار الذي يمارس بكل قسوة على مسمع ومرأى العالم أجمع.

talib99@emirates.net.ae