إضاءة

وقفة للتساؤل والمساءلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحديات كثيرة تكاد تكون متوازية في أولوياتها ومتزامنة في تواليها تفرض نفسها بإلحاح على عقل النظام الرسمي العربي ممثلا في الجامعة العربية، تدمي قلوب الشعب العربي، وتتطلب استجابات عربية واعية ومتوازنة ومتوازية بالفكر والفعل والحركة الإيجابية السريعة والحاسمة.

فهناك خمسة ملفات رئيسية ساخنة لخمس قضايا عربية شاحنة للمشاعر الشعبية العربية بالغضب والقلق والأمل معا، هي الملف الفلسطيني والملف اللبناني والملف العراقي والملف الصومالي والملف السوداني.

كما أن هناك أيضاً ثلاثة ملفات رئيسية ساخنة لثلاث قضايا إسلامية إقليمية شاغلة للنظام الرسمي الإسلامي ممثلا في منظمة المؤتمر الإسلامي، وشاحنة لمشاعر الشعوب الإسلامية بالقلق والأمل معا هي الملف النووي الإيراني والملف الأفغاني والملف الباكستاني.

ولا يغيب عن الملاحظة هنا أن هذه القضايا المتفجرة والدامية والساخنة ليست قضايا رئيسية عربية أو إسلامية فقط، بل هي القضايا الرئيسية العالمية المطروحة على طاولة البحث السري والعلني على النظام الرسمي الدولي ممثلا في مجلس الأمن الدولي بثلاثة من ملاك الفيتو المتحكم في القرار الدولي هم الخصم والحكم باعتبارهم أطراف الاشتباك العدواني الحالي على ما هو عربي وإسلامي.

وكأن المشهد الوطني في العالم العربي، والإقليمي العربي الإسلامي، والدولي يعكس هجمة استعمارية غربية على البلاد العربية والإسلامية، ربما هي الحرب الصليبية الجديدة على حد «زلة لسان بوش»، لكنها «الحرب الطويلة على مراحل في البلاد العربية والإسلامية «على حد قول الرئيس الأميركي في خطابه السنوي عن حالة الاتحاد عقب غزو واحتلال أفغانستان، والتي هدد فيه بفرض «الإذعان والسلام»، أي الاستسلام، وباقتلاع المظاهر والسلوكيات الإسلامية، (ويمكنكم إعادة قراءة النص ) لتفاجأوا بالعجب العجاب.

لقد نجحت الأمم المتحدة ومقاومة الشعوب الحرة المناضلة من أجل الاستقلال في تصفية الاستعمار من العالم في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية. لكننا وحدنا في العالم العربي والإسلامي الذين لا نزال نقاوم ضد الوجود الاستعماري المفروض بالقوة والذي يتخذ صفتين إما بالقواعد العسكرية، وإما بالغزو والاحتلال المباشر.

وهو ما يحدث الآن في فلسطين وفى العراق وفى الصومال وفى أفغانستان. ولم يعد يوجد احتلال عسكري سافر في العالم كله إلا في بلاد عربية وإسلامية وهو الترجمة العملية لخطاب بوش عن «حالة الاتحاد»، ولكن أي «اتحاد» يقصد بوش..؟.. إنه ليس الاتحاد الفيدرالي الأميركي ولكنه «الاتحاد اليهودي المسيحي الأبيض» واقرأوا بأنفسكم ترجمة ذلك الخطاب في واشنطن لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين في يناير عام 2002..

وبهذا فحينما يؤكد بوش في خطابه في أورشليم «القدس العربية المحتلة» في عدوان عام 67، وليس في تل أبيب عاصمة الدولة العبرية، التزام أميركا الاستراتيجي بأمن إسرائيل «كدولة يهودية»، ويكرر ذلك في جولته الشرق أوسطية، وحينما يقف بوش، الذي يقول أنه أقلع عن إدمان الخمور بفضل إيمانه المسيحي.

والذي يزعم أنه غزا العراق بناء على إلهام من السماء، ليهدد بخوض حرب نووية عالمية لمواجهة أي تهديد عربي أو إسلامي لأمن هذه الدولة اليهودية، فعلينا أن نفهم على الفور ما هي «حالة الاتحاد الأميركي الصهيوني» الذي يدعمه «المحافظون الجدد» على أسس مذهبية دينية وعلى أسس عنصرية بأهداف استعمارية تتبرأ منها المسيحية الحقة، كما تتبرأ منها اليهودية الحقة.

وفى ظل واقع وطني وعربي وإسلامي حافل بالفتن والانقسام السياسي والطائفي والعرقي والمذهبي بفعل الاعتلال الداخلي والاحتلال الخارجي، ويرفض فيه الشقيق مجرد التحاور والتفاوض مع الشقيق الوطني أو العربي أو الإسلامي إلا بشروط.

بينما يهرول إلى الحوار والتفاوض مع المحتل العدواني الأميركي والصهيوني بلا شروط، والأدهى بلا نتيجة، إلا تحقيق ما يريده العدو على حساب الشقيق وضد مصلحة كل شقيق، فهذا واقع يدق أجراس الإنذار بالخطر.. وهنا لابد من وقفة.!

mamdoh77t@hotmail.com

Email