تحت المجهر

موظفو التعداد والدقة المطلوبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ندرك جميعاً أهمية التعداد السكاني وكونه يمد المجتمع وكافة القطاعات ببيانات وإحصاءات عن السكان والمنشآت في الدولة. وكلنا يدرك أن التعداد الذي تعده وزارة الاقتصاد والتخطيط في الدولة ضرورة لا يُتنازل عنها أمام مخاوف من أن يكشف عن مشكلات حقيقية يعاني منها مجتمعنا لاسيما خلل التركيبة السكانية، الأمر الذي يجعل الإصرار على القيام به بدقة ووضوح وشفافية أمراً في غاية الأهمية لتفعيل الاستفادة منه في رسم سياسات الدولة وتطوير القطاعات الخدمية والاقتصادية فيها.

لفت انتباهنا في قضية التعداد موقف تعرضنا له مع أحد موظفي التعداد الذي زارنا في الأيام الماضية. هذا الموقف كشف وللأسف الشديد عن افتقار بعض القائمين بمهمة تجميع المعلومات اللازمة للتعداد إلى الدقة المطلوبة في انجاز العمل المنوط بهم. وكشف عن جهل البعض منهم لأهداف التعداد وأهمية ذلك في تحليل واقع المجتمع ومشكلاته وحلها في ضوء تلك البيانات ونتائج تحليلها.

بعد التعرف على هوية الموظف. بعد ذلك شرع الموظف في طرح أسئلته ليملأ بها سجل البيانات الذي يحمله. وكانت الصدمة الكبرى في ملاحظتنا تدوينه الأرقام بشكل خطأ، واجتهاده في اختصار بعض البيانات بشكل يؤدي للخطأ فيها، بالإضافة إلى عدم قدرته على طرح بعض الأسئلة بشكل واضح يعين على الإجابة عليها. وكانت الطامة الكبرى عندما دفعنا الفضول لمعرفة مدى إدراكه لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه في مسألة التعداد، إذ سألناه عن الهدف من جمع هذه البيانات وتسجيلها، فكانت إجابته بأن التعداد من أجل دراسة أوضاع الإيجارات في الدولة ومحاولة خفض هذه الإيجارات!

انتهت مهمة موظف التعداد بعد أن ترك ابتسامة ارتسمت على وجوهنا ونحن نقول: «على التعداد السلام!». إن موقف الموظف الذي قام بجمع البيانات منا سواء كان مكلفا أو متطوعا، كشف عن جهله بأهداف التعداد وعدم إدراكه للمسؤولية الكبيرة التي يحملها والتي تتطلب منه دقة متناهية في تسجيل البيانات، الأمر الذي يجعلنا نتخوف من نتائج تعداد عام 2005 التي سيعلن عنها قريبا لاسيما ان كانت تشتمل على بعض البيانات الخطأ وغير الدقيقة بسبب من قام بجمعها. إذا كنا متعلمين وتمكنا من تصحيح بعض الأخطاء التي وقع فيها الموظف، فكيف هو الحال لو كان من يقدم البيانات أميًّا وعاجزاً عن فهم بعض الأسئلة التي تطرح عليه؟

ربما يكون طرحنا لهذه القضية متأخرا بعض الشيء، لكن قدرنا كان في وصول التعداد إلينا متأخرا في الفترة الأخيرة التي شارف فيها التعداد على الانتهاء من مهمته. الأمر الذي جعلنا نحرص على تبليغ الجهات المسؤولة في الدولة بأخطاء صدرت من بعض القائمين بمهمة التعداد والتي ينبغي معالجتها في السنوات المقبلة. فعجز الميزانية ونقص عدد الموظفين الذين يمكنهم القيام بهذه المهمة وما يترتب على ذلك من قلة تدريب مسبق لهم، لا ينبغي أن يجعلنا نتنازل عن الدقة المطلوبة في البيانات التي تُجمع. فغياب الإحصاءات الدقيقة في الدولة قد يعرقل الكثير من الخطط الاقتصادية والسياسية لمختلف القطاعات، وقد يعرقل وضع الخطط والبرامج اللازمة للتطوير، ويتسبب في اختباء الكثير من المشكلات التي نحن بحاجة لارقام حقيقية فيها لا تفتقر إلى الدقة.

maysaghadeer@yahoo.com

Email