بوش يستعيد زمام المبادرة ـ إيان بريمر

بوش يستعيد زمام المبادرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

طالب كثير من منتقدي الرئيس بوش الإدارة الأميركية بتقديم تفسير صريح ومحدد وشامل وحقيقي لكيفية تحقيق انتصار في العراق.

وفي خطابات عديدة كان الغرض منها استعادة صورته كقائد أعلى للجيش قادر على توجيه دفة الأمور، استطاع الرئيس بوش أن يربك حسابات كثير من منتقديه وذلك بتنفيذ قدر كبير من مطالبهم. وبهذا نجح الرئيس في أن يستعيد بعضا من مصداقيته السياسية واستطاع، على المدى القريب على الأقل، أن يطمئن مؤيديه بأن هناك خطة موجودة تستحق الدفاع عنها.

و فيما يتعلق بهؤلاء الذين طالبوا باعتراف رئاسي بـ «الأخطاء التي ارتكبت», فإن بوش اعترف بمسؤوليته عن كثير من الافتراضات الخاطئة للحكومة في الفترة التي أعقبت غزو 2003 .

وكذلك بمسؤوليته عن التعديلات الاستراتيجية الخاصة بمكافحة أعمال المقاومة. أما فيما يخص وضع الذين طالبوا بتقدير أكثر صراحة للأخطار التي تواجه القوات الأميركية، اعترف بوش بأن الصبر مطلوب وأنه من المتوقع إراقة مزيد من الدماء.

و رداً على الذين اتهموا بوش بأن التصريحات التي يخاطب بها الجماهير تفتقد التفاصيل، أوضح بوش التحديات المرتبطة بالأمن وإعادة الإعمار في مدن مثل النجف والموصل وقدم صورة مفصلة للتقدم الحاصل على امتداد الأراضي العراقية.

وفي مجلس شؤون العالم في فيلادلفيا، أدهش بوش المستمعين بطرحه أسئلة عديدة، قليل منها كان عدائيا وأدهشهم أيضا بتقديم إجابات عقلانية مفصلة، وفي رده على هؤلاء الذين يقولون إن الرئيس أخفى عن المعارضة كثيرا من الأمور، دعا بوش نحو 17 عضوا من مجلس النواب إلى البيت الأبيض .

وعقد معهم اجتماعا مفصلا تناول كل استفساراتهم وحضر معه هذا الاجتماع نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس وجورج كاسي، القائد الأميركي في العراق وزلماي خليل زادة السفير الأميركي لدى العراق.

وقد أعرب الديمقراطيون الذين حضروا الاجتماع عن رضاهم بشأن الصراحة التي اتسم بها الاجتماع. فضلا عن ذلك أولى بوش أثناء أحاديثه اهتماما كبيرا بالتقرير الذي تقدم به السيناتور غو ليبرمان، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كونكتكت، بشأن رحلته الأخيرة إلى العراق.

وقد رسم تقرير ليبرمان، وهو في الغالب أكثر الديمقراطيين دفاعا عن العملية العسكرية في العراق، صورة متزنة ولكنها أكثر وردية من أي صورة مضت للوضع في العراق.

وعلى الرغم من الواقعية التي اتسمت بها أحاديث بوش، إلا أن الرئيس نجح في تقديم رسالة تحمل طابع التفاؤل بشأن الوضع في العراق. وواصل رفضه الدعاوى الخاصة بوضع جدول زمني للانسحاب وتعهد بأن القوات الأميركية لن تغادر العراق إلا بعد أن يتحقق الانتصار.

وعندما واجه ضغوطا لتحديد المعنى الكامل لكلمة انتصار، رفض بوش الجهود التي رمت إلى تضييق خياراته وقال إن النصر معناه أن تصبح القوات العراقية قادرة على «الوقوف» ووقتها» ستجلس» القوات الأميركية، على حد تعبيره.

إن البيت الأبيض على علم كامل بأن الأميركيين يريدون أمرين: الثقة في أن القوات الأميركية يمكنها أن تنتصر، وطمأنينة بأن هناك ضوءاً في نهاية النفق الخاص بتورط الولايات المتحدة في العراق. والثقة التي ظهر عليها بوش والبساطة التي انطوت عليها كلمات مثل «الوقوف» و«الجلوس»، هذان الشيئان قدما للرأي العام (وكذلك لبعض المشرعين من الجمهوريين) بعضا من تلك الثقة وتلك الطمأنينة.

ربما تغيرت تكتيكات ونبرة الحديث الخاصة ببوش غير أن الوجود الأميركي في العراق لا يزال مكلفا لغاية. لقد قُتل أكثر من 2100 أميركي في العراق ولاتزال مستمرة تلك الدائرة من العنف المتواصل.

وبحسب معظم التقديرات، فإن الحرب وجهود إعادة الاعمار ما برحا يكلفان دافعي الضرائب الأميركيين أكثر من 7 مليارات دولار في الشهر. ولا تستطيع أي انتخابات أو دستور أن يضمنا أي تراجع للعنف أو أي تكريس لاستقرار سياسي من أي نوع في العراق.

خدمة : «لوس أنجلوس تايمز»

خاص لـ «البيان»

Email