الدستور - الأردن

اللعنة على قتلة التويني

ت + ت - الحجم الطبيعي

البرقية التي بعثها الملك عبدالله الثاني بن الحسين الى عائلة التويني اثر جريمة اغتيال احد ابرز رؤساء تحرير الصحف العربية المرحوم جبران التويني رئيس تحرير صحيفة النهار اللبنانية تعبر تعبيرا كاملا عن موقف أردني تصطف فيه كل القوى السياسية والفكرية والبرلمانية والصحفية التي تشعر بالغضب والاشمئزاز من حادث الاغتيال اللئيم الذي تعرض له ذلك الفارس من فرسان الكلمة الشجاعة على الساحة العربية كلها.

هدف القتلة ليس مجرد تصفية حساب من شخص جبران التويني وإنما مع الفكرة التي ينتمي اليها شهداء الحقيقة في أماكن متعددة من هذا الوطن العربي الكبير الذي دخل منذ قليل مرحلة الرفض القوي للاحتلال والوصاية والقوة الغاشمة والدكتاتورية والارهاب بكل أشكاله، تشهد على ذلك المقاومة والصمود والاصرار على التحرر والانعتاق من كل غاصب للارض او السلطة حتى أصبحت تلك الظاهرة سمة من سمات عهد عربي جديد لا بد أن يدفع ثمنه امثال ذلك الرجل الذي طالته يد الغدر الآثمة يوم امس وهو في طريقه الى مقر عمله.

أفعالهم تدل عليهم وأسلوبهم في القتل على هذا النحو من الانحطاط يدلنا على طبيعة الشيطان الكامن في نفوسهم المريضة، ويجعلنا أكثر إصرارا على مواجهتهم والتصدي لمخططاتهم الرامية الى تفتيت وحدة الاقطار العربية والعبث في امنها و استقرارها و منع تقدمها لكي لا تحقق طموحاتها المشروعة في الحرية والديمقراطية والازدهار السياسي والاقتصادي والاجتماعي.

ليس من شأننا ولا حتى من حقنا ان نوجه اصبع الاتهام لي جهة ضمن الحسابات القائمة على الساحة اللبنانية ولكننا نقر حقيقة واحدة نحن نعرفها وندركها ومتأكدون منها وهي ان اولئك الذين يستخدمون اسلوب تفجير السيارات ويمارسون الاغتيال والقتل على هذا النحو الصارخ من الفعل التفجيري مستهدفين شخصيات سياسية وفكرية وإعلامية غير آبهين بالضحايا الذين يسقطون على هامش عملياتهم الارهابية انما هم من طينة واحدة.

وسواء وقعت عملياتهم في فلسطين او العراق أو الاردن او لبنان أو غيرها من البلاد العربية والاجنبية فإنهم ينتمون للعقلية ذاتها التي لا تفكر إلا في تحطيم العالم العربي وجعله نهبا للفتنة والريبة والوقيعة من داخله ومن خارجه في آن معا.

الاحتمالات مفتوحة على سيناريوهات كثيرة ليس في لبنان وحده ولكن في المنطقة كلها فإذا كان بالإمكان تأجيج نار الخلافات بين الاطراف السياسية في البلد الواحد فهذا امر مناسب للمخططات التي تستهدف إعادة تشكيل خريطة الشرق الاوسط، أما اذا تحقق هدف ضرب الدول العربية بعضها ببعض فذلك تطور مهم جدا في هذا الاتجاه، هكذا يتم التخطيط عن طريق خلق الاسباب وايجاد الوسائل اللازمة لإنجاح المخطط.

فاحتلال العراق واعادة احتلال الاراضي الفلسطينية سبقته اسباب موجبة، واللعب على الساحة اللبنانية لم يأت من فراغ ولا من دون هدف، والتزامن بين حادث اغتيال المرحوم التويني وتقديم تقرير ميليس بشأن التحقيق في اغتيال رفيق الحريري إلى الامم المتحدة تزامن ساذج إذا كان الهدف توريط سوريا من دون النظر جيدا إلى المؤشرات التي تدلنا على ان المؤامرات "المفخخة" تستهدف القطار العربي كله كي يخرج عن السكة، فاستبعاد الاحتمالات الاخرى هو جزء من لعبة التضليل.

الخسارة فعلا فادحة، والاجابة عن السؤال "من اغتال جبران التويني"؟ لا تغني عن الاجابة على السؤال "لماذا اغتيل جبران وكل من اغتيل على الساحة اللبنانية ولماذا تفجيرات الفنادق في عمان والمساجد في العراق والمرافق العامة في السعودية ومصر وبلاد عربية اخرى؟

إنه المخطط ذاته الذي يستهدف خنق العهد العربي الجديد لكي يتنفس بالأكسوجين الصناعي".

Email