إلى اللقاء ـ باول وسارس! ـ بقلم: حمد سالمين

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 4 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 5 مايو 2003 زيارة كولن باول وزير الخارجية الأميركي للمنطقة أمس الأول كانت أشبه بتفقد ناظر مدرسة لبعض الفصول التي يوجد بها ضجيج يؤثر على سير العملية التربوية والتعليمية في المدرسة. باول يبدو انه أنجز مهمته على وجه حسن في توصيل رسائل شكر وأخرى تحمل عتباً أقرب الى التهديد. ولكن السؤال: هل كانت جولة باول للمنطقة ضرورية لو ان البعض قدّر الموقف بصورة جيدة منذ البداية «ومسك العصا من المنتصف» بدلاً من «شد وارخاء الحبل»؟ نعم، السياسة الأميركية الخارجية بغيضة وتكيل بمكيالين ومنحازة للعدو الاسرائيلي بقيادة الارهابي ارييل شارون رئيس وزراء الكيان والذي تصفه واشنطن برجل سلام. ولكن هل من الحكمة أن يقف رجل أعزل أمام آخر مدجج بالسلاح ونشوة النصر تلعب برأسه. طبعاً الاستسلام مرفوض في أغلب الأحيان، لكن المناورة السياسية والمجاراة الدبلوماسية كان يمكن أن تلعبا دوراً في تغيير أو التأثير على سير الأحداث. لكن على ما يبدو ان التأخير في قذف الكرة إلى ملعب الطرف الآخر بات ملازماً للدبلوماسية العربية. لقد كان من الأفضل التعامل مع جولة باول وفيروس الالتهاب الرئوي اللانمطي (سارس) بالأسلوب نفسه، حيث أغلقت دول عربية حدودها أمام القادمين من المناطق الموبوءة بـ (سارس) لتجنبه، ولو أتخذت الخطوة ذاتها خلال حرب العراق، لكان بالإمكان تجنب جولة باول أو على الأقل ستكون خالية من رسائل التهديد والمطالب، فليس من المنطقي أن نفتح الحدود أمام (سارس) ونضع الكمامات وننتظر ما سيجري. وفي هذا السياق، نتذكر ياسر عرفات الرئيس الفلسطيني وموقفه من حكومة محمود عباس (أبومازن) حتى اللحظات الأخيرة واقتراب الحكومة الجديدة من حافة الانهيار. لكن أبوعمار (الختيار) استطاع أن يمنع الدبابات الاسرائيلية من الاقتراب من مقره في رام الله بعدما أدرك المتغيرات السياسية الجديدة في المنطقة وضرورة مسايرة التوجه الأميركي الجديد، فأبوعمار استطاع بدهائه وحنكته السياسية أن يلتف بمهارة على محاولات عزله، وخرج بعد هذه الأزمة مبتسماً على عكس أبومازن. إن المرحلة المقبلة في المنطقة ستشهد الكثير من المعارك السياسية، وأولها تنفيذ خارطة الطريق، ومحاولات اسرائيلية للتملص منها، وجهود أميركية لدفع عجلة التطبيع مع الكيان الصهيوني، واغلاق ملفات ما تسميه واشنطن «الارهاب» ودعمه. ولذلك من الضروري أن يأخذ الجانب العربي زمام المبادرة لمواجهة التحديات المقبلة. وأولى هذه المبادرات يجب أن تكون تجاه العراق، فحتى يومنا هذا لم تتقدم دولة عربية واحدة بعرض ارسال قوات حفظ سلام إلى العراق، فأكثر من عشر دول أوروبية وغيرها عرضت ارسال قوات إلى العراق ومنها بدأ فعلياً بذلك. فلا يجب أن يترك العراق مفتوحاً أمام الأجانب، والأشقاء العرب يتفرّجون على ما يحدث. وباول سيعود إلى المنطقة الأسبوع المقبل على الأرجح حاملاً مقترحات وربما مطالب جديدة.. فماذا عن المقترحات والمطالب العربية؟ hsuae@yahoo.com

Email