تحالف أوروبي قوي ، بقلم: خالد محمد أحمد

السبت 2 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 3 مايو 2003 الأزمة السياسية التي عصفت بمجلس الأمن بين الرافضين للحرب والمصرّين عليها.. أدت إلى تباعد المواقف السياسية والاقتصادية والعسكرية بين المعسكرين، فالخروج على الإجماع الدولي، والحرب على العراق، تركا علامات استفهام كثيرة! كثيرون في العالم باتوا مقتنعين أن السياسة إذا لم تدعمها قوة عسكرية فهي حجة ضعيفة «واهية»! تشكيل قوة أوروبية للتدخل السريع وتأسيس اتحاد أمني ودفاعي أوروبي، واعتماد سياسة دفاعية وخارجية موحدة إحدى النتائج والانعكاسات والتداعيات المباشرة لحرب اندلعت خارج إطار الشرعية الدولية! تهميش دور الأمم المتحدة وشن حرب عالمية خارج الشرعية الدولية، جعلا الجميع يتساءل: إلى ماذا سيقود ذلك وإلى أين سوف تسير الأمور في المستقبل؟! الأمم المتحدة يفترض أن تحمي أعضاءها، وتردع المعتدي، في حالة العدوان حتى لو كانت الدولة في حجم الولايات المتحدة، وأن شريعة الغاب لا يجب أن تسود في العلاقات الدولية بين الشعوب!! المحور الجديد الذي تشكل في أوروبا، هو نتيجة حتمية للممارسات الأحادية الجانب من قبل الولايات المتحدة ومن يدور في فلكها! ويؤيدها ويصفق لها «عّمال على بطّال»!! فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولكسمبورغ تقود اليوم تحالفاً عسكرياً أوروبياً جديداً، يسعى إلى إنشاء قوة ذات قدرة تخطيط جماعية: «آن الأوان لاجتياز مرحلة جديدة في إقامة نظام دفاعي وأمني أوروبي يكون مبنياً على قدرات عسكرية معززة يسمح بتنفيذ عمليات للاتحاد الأوروبي من دون اللجوء إلى وسائل وقدرات حلف شمال الأطلسي». الحلف الذي تسيطر أميركا على معظم أعضائه، وتحركهم «بالريموت كنترول» كما تشاء، وعلى رأسهم بريطانيا القوة الثانية في الحلف! «الناتو» تحول إلى قوة تسخرها الولايات المتحدة كما تشاء، وخاصة بعد أن زاد عدد أعضائه وكبر حجمه، وتحول إلى «نادٍ كبير» يفوز بمجلس إدارته من يدفع لكسب الأصوات!! حلف الأطلسي برز إلى الوجود لحاجة دول أوروبا للدفاع عن نفسها بعد الحرب العالمية الثانية عام 1949، خوفاً من المد الشيوعي. الحلف ضم 12 دولة اتفقت على مواجهة الخطر التوسعي الشيوعي، واعتبرت أن أي هجوم مسلح ضد إحدى الدول الأعضاء يعتبر هجوماً ضد جميع الدول، واتفق الأعضاء على أن يساعدوا بعضهم البعض، ولكن الولايات المتحدة سيطرت على الحلف، وكانت الغلبة العسكرية في الحلف لها، وأرادت أن تكون لها الكلمة العليا، مثلما لها القوة الكبرى. حلف شمال الأطلسي شن حملة جوية على يوغوسلافيا عام 1999 استمرت 11 أسبوعاً بتحريض من الولايات المتحدة، ودون تفويض من الأمم المتحدة!! وهو نفس الشيء الذي قامت به الولايات المتحدة في العراق!! الأجندة الأميركية بعد الحادي عشر من سبتمبر تغيرت، وأخذت منحى يخالف توجهات معظم دول الحلف، والتي باتت ترفض الإملاءات الأميركية، وترفض منطق من لم يكن معنا فهو ضدنا!! واشنطن تريد الهيمنة الكاملة على حلف شمال الأطلسي، وتطلب من الجميع في الحلف أن يدين لها بالسمع والطاعة.. وقد برز الرفض الأوروبي في نقاشات مجلس الأمن، حول شرعية الحرب على العراق حيث رفضت فرنسا وألمانيا الهيمنة وتهميش الآخرين!! بيان القمة الأوروبية الرباعية قوبل برفض وتهكم من قبل الدول الخارجة على الشرعية الدولية: أميركا، بريطانيا، أسبانيا وإيطاليا. كولن باول وزير خارجية أميركا سخر من البيان: «إن ما نحتاج إليه ليس المزيد من القيادات، وإنما مزيد من القدرات واستكمال بناء الهياكل والقوات الموجودة». رئيس الوزراء البريطاني بلير استبق القمة الرباعية التي عقدت في بروكسيل، محذراً الرئيس الفرنسي شيراك قائلاً: «إنني أعارض تصريحات الرئيس شيراك، لا أريد أن أرى من جديد وضعاً ترى فيه أميركا أو أوروبا أن مصالحهما الاستراتيجية معرضة للخطر، وتقرران عدم التعاون. هناك رؤى مختلفة، ثمة من يريد عالماً متعدد الأقطاب مع عدة مراكز للحكم، وأنا أعتقد أن مثل هذا العالم سيتحول بسرعة إلى مراكز متخاصمة، وهناك من يعتقد وأنا منهم، أننا بحاجة إلى قوة تشمل شراكة استراتيجية بين أوروبا وأميركا»، وقد رد عليه شيراك قائلاً: «ببناء أوروبا أكثر قوة، نساهم بالطبع في تحالف أطلسي أقوى». khalid@albayan.co.ae