خواطر: بقلم: سامي الريامي، صراع «الساندويتشات»

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 3 صفر 1424 هـ الموافق 5 ابريل 2003 عندما يتصارع طفلان في روضة من رياض الاطفال فإن السبب الرئيسي للنزاع يكمن إما في خطف احدهم ساندويتش او لعبة الآخر، أو أن احدهم يريد أن يملي شروطه على الآخر ويجبره على طاعة أوامره في اللعب أو الجلوس أو ما شابه ذلك.. ولكن هل يتخيل أحد أن الصراع مهما كان حجمه ونوعية المتصارعين فإنه لا يخرج أبداً عن اطار صراع «الساندويتشات» بين اطفال الروضة!! وبمعنى أكثر وضوحاً فإن كافة صراعات البشر سواء كانوا أفراداً أو حكومات لا تتعدى ثلاثة أسباب حب المال والطمع به (مع الاخذ بالاعتبار اختلاف نوعيات المال المتصارع عليه) وحب السيطرة والنفوذ وحب التملك.. ما يدور اليوم من أحداث في العراق من اراقة دماء وقتل وتدمير هو في المقام الأول صراع بين البشر لا يخرج عن اطار الاسباب الثلاثة فالأميركان بالرغم من كافة حججهم عن اسباب الحرب لم يستطيعوا اقناع العالم بأنها بالفعل حرب لحرية العراق بل على العكس تماماً فقد ادرك العالم بأنها حرب من أجل النفط (الذي يعادل الساندويتش عند الأطفال) وهي حرب من أجل بسط السيطرة والنفوذ على العالم بأسره وهي حرب من أجل حب التملك!! ــ وفي المقابل فإن رفض النظام العراقي التنحي عن الحكم من أجل الحفاظ على أرواح الآلاف من النساء والأطفال أيضاً لا يخرج أبداً عن حب السيطرة والنفوذ وحب المال حباً جماً!! ــ اما على نطاق الأفراد في المجتمع فإن المسألة تبدو أكثر وضوحاً فالحرب المستعرة بين الجميع ما هي في النهاية الا حرب مصالح وصراع من أجل الوضع الأفضل ومن أجل جمع ما يمكن جمعه من مال أو جاه أو المحافظة على «كرسي» أو سلطة بضم السين طبعاً! ــ إذن هي النفس البشرية التي لا يملأ عينيها سوى التراب سواء كانت هذه النفس فرداً عادياً أو مسئولاً صغيراً أو حتى مديراً كبيراً أو كانت هذه النفس لرئيس أقوى دولة على وجه الأرض.. في النهاية تتساوى هذه الأنفس في عقلياتها مع عقليات أطفال الروضة عندما تسمح للمطامع والجشع وحب التملك بالسيطرة على كافة أوجه الحياة لديهم. ــ وإلا من يصدق أن الخلافات التي وصلت إلى حد المواجهة بين شركتين عقاريتين هما أكبر وأضخم الشركات الموجودة حالياً هي خلافات تدخل في اطار المنافسة الشريفة من أجل بناء غد أفضل، أو هي خلافات حضارية من نوع «اختلاف وجهات النظر لا يفسد في الود قضية»، لا أحد يصدق ذلك والمنطق الذي يمكن تصديقه بعد وصول الخلاف إلى مراكز الشرطة أنه لا يتعدى أبداً صراع الحصول على اكبر قطعة ساندويتش بين الأطفال!! ــ ومن يصدق ايضاً أن التنافس «الشديد جداً جداً» للدخول في مجلس ادارة جمعية تعاونية يتصاعد ويصبح الشغل الشاغل لعدد كبير من صغار وكبار المسئولين ويتحول إلى حديث المجالس لاسابيع عديدة خاصة بعد دخول عدد من مديري الدوائر «الكبار» في المنافسة بينما هم لا يجدون وقتاً كافياً حتى لـ «حك شعر رأسهم»!! وباستفسار بسيط يتضح أن المسألة كلها لا تتعدى أيضاً «ساندويتش الأطفال» ولكن هذه المرة نصيب المرء من هذا الساندويتش يتجاوز 450 ألف درهم.. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون!! فليتذكر الجميع المثل اليوناني القائل: «الطمع كماء البحر زد منه شرباً تزدد عطشاً» أو المثل الانجليزي الذي يقول «من طمع في الفوز بكل شيء، خسر كل شيء» وقبلهم جميعاً قال لقمان الحكيم لابنه: «يا بني إياك والطمع فإنه فقر حاضر، يا بني لا تأكل شيئاً على شبع فإن تركه للكلب خير لك من أن تأكله»!!

Email