خواطر ـ بين الخبيص والاسكاربينه! ـ بقلم: سامي الريامي

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 20 شعبان 1423 هـ الموافق 26 أكتوبر 2002 فلنفرض أن الأخوة في اذاعات لبنان دعتهم الحاجة الى الاستعانة بخبرات مذيعات ومذيعين من الامارات ـ تذكروا جيدا فلنفرض ـ وطلب من احدى مذيعاتنا بث اعلانات تجارية عن مراكز تسوق أو محلات حلويات أو ملابس .. ترى كيف سيكون الاعلان؟!! لن ندعكم تطيلون التفكير ونعرض عليكم نماذج مفترضة : البنات الغاويات اللي منكن تبغي تشتري هذاك الجوتي الغاوي ، ما عليها الا تمر شارع الحمراء بتحصل أحلى القراحيف والصنادل والجواتي الزينة !! كل حرمة بيت فنانة ورزينة وتبغي ريلها يستانس منها لازم تمر محلات تاج الملوك وتشتريله الخبيص والبثيث وعصيدة البوبر ، لا وبعد عندهم الفرني والساقو والكستر حق رمضان .. تاج الملوك أحسن مكان لبيع الحلويات ، عاده لا تتأخرين يا ختي ولازم تمرين وتاخذين أحلى ما عندنا ترى عنوانا ما يضيع المحل موجود عدال مخفر حبيش بشارع الجامعة الأميركية ببيروت !! تعاونية الاستهلاكية بمنطقة الكولا تدعو كل حرمة لزيارتها وبتحصل كل اللي يعيبها من المواعين والطبقات والغنش ، وكل لزوم المطبخ من جدور وطوس وملاليس وخواشيق .. ان بغيتوا الزين تعالوا للتعاونية وبتحصلون اللي يمزر العين !! هذه بعض النماذج المفترضة لاعلانات تجارية ستقدمها المذيعات في اذاعات لبنان .. لكن السؤال المنطقي هنا كيف سيتقبل المجتمع اللبناني بمختلف فئاته هذه الاعلانات؟! وهل سنجد من يفهم كلمات من نوع قرحاف ومواعين وعصيدة البوبر؟! وهل ستكون مثل هذه الاعلانات ذات جدوى فاعلة بالنسبة للشركة المعلنه؟!وما هي ردة الفعل العامة لدى الناس على هذه الاذاعات؟!! بكل تأكيد ستقوم الدنيا ولن تقعد الا بسحب تلك الاعلانات وتغييرها على الفور ، ليس لعيب في لهجتنا المحلية وانما لأن لكل مجتمع خصوصيته ولهجته التي يفهمها أهله ، كما ان لكل مجتمع أسلوبه وطريقته وما قد يكون ناجحاً لدينا قد لا يكون ذا قيمة في مكان آخر والعكس صحيح . ورغم وضوح مثل هذه الحقائق وضوح الشمس الا ان هناك من يتجاهلها ، ولعل المستمع لمختلف الاذاعات الموجودة بالدولة ، وأقصد بالدولة دولة الامارات العربية المتحدة ، والاذاعات هي بالتحديد اذاعات الـ «اف ام» يجد أن معظمها ان لم تكن جميعها تعيش في جو وعالم آخر لا يمت الينا بأي صلة ، بل وأعتقد أن المسئولين والعاملين بها لا يزالون يجهلون أين تقع اذاعاتهم ولا يدركون من الشريحة التي يخاطبونها بل ربما ما زالوا لايعلمون اين تقع دولة الامارات ومن هم سكانها !! وهكذا تحولت البرامج وحتى الاعلانات أيضا وبقدرة قادر الى لهجة واحدة قد لا تكون مفهومة في بعض الاحيان لعدد كبير من المستمعين ، ومع احترامنا الشديد لكافة اللهجات التي نكن لها ولأهلها كل تقدير واحترام ، والموضوع لا يعني التقليل ولو لذرة بسيطة من أي لهجة ، الا أن طبيعة الحال تجعل الأمر غريبا ، وعلى أقل تقدير لابد من استخدام اللغة العربية أو حتى اللغة الوسطية ـ ان صح التعبيرـ المعتمدة لدى الصحف وبعض البرامج الجادة والهادفة في الاذاعات والتلفزيونات ، لأن وقعها على الأذن أجمل بكثير من الموجود حاليا . الغريب انه لايوجد مبرر واحد لهذا الانتشار الغريب للهجة واحدة باتت مسيطرة على اذاعات الـ «اف ام» واعلاناتها التجارية ، فهل هناك مسح احصائي مثلا أجرته الاذاعات وثبت من خلاله أن هذه اللهجة أكثر انتشاراً من غيرها والاكثر قابلية وفهما عند المستمعين؟! وكما توقعنا في البداية الضجة المتوقعة لبث اعلانات عن الخبيص والبثيث ، فان الموضوع مر مرور الكرام في احدى الاذاعات التي تبث اعلانا ليل نهار يقول : ازا بدك « سكاربينه» لازم تروحي مركز... التجاري !! ترى هل جميع المستمعين يعرفون معنى اسكاربينه؟ وهل الذنب ذنبهم لو كانوا يجهلون معناها؟ وماذا استفادت الشركة المعلنة من هذا الاعلان اذا كان معظم المستمعين لا يعرفون ماذا تطلع هذه الاسكاربينه .. وهل المستهدف من الاعلان شريحة واحدة فقط أم يفترض في الاعلان انه يخاطب أكبر قدر ممكن من (الزبائن) .. ألم يكن من الأجدر اضافة ثانيتين على الهواء بصوت مذيع معروف يقدم فيها شرحا تفسيريا لكلمة اسكاربينه؟!! الى متى ستظل هذه الاذاعات غريبة عنا وبعيدة عن المجتمع الذي يفترض انها تخاطبه وتتوجه له ، الا توجد جهة ما تلتفت قليلا الى ما يحدث في هذه المواقع وتقوم بنخلها اي «غربلتها»، والغاء الغث والابقاء على السمين .. هذا ان وجدت ما يستحق أن يطلق عليه سمين !!

Email