ابجديات ـ تكتبها: عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 18 شعبان 1423 هـ الموافق 24 أكتوبر 2002 يعبث الإعلام العربي بثوابتنا ليل نهار، ويستهدف أكثر خصوصياتنا حساسية وخطورة، مرة بدعوى الموضوعية ومرة بحجة الحرية الإعلامية، ومرة ثالثة تحت مقولات حوار الحضارات والانفتاح على الآخر، وتحديات ثورة الاتصالات... الخ. لكن بعض الإعلام ـ والمرئي منه تحديداً ـ يخترقنا ويعبث بنا لأنه ببساطة مؤمن بسياسة التطبيع والانفتاح على الآخر «الإسرائيلي» تحديداً! لم يغفر المواطن العربي لأجهزة إعلامه حتى هذه اللحظة ـ وإن كان يتابعها ويدمن عليها ـ أنها أدخلت عليه وفي عُقر داره كافة رجال السياسة والثقافة والاقتصاد الداعين للتطبيع مع «إسرائيل» ثم لم تلبث أن استضافت رجال السياسة الصهيونية والإسرائيلية ابتداء من رئيس الوزراء وانتهاء بأصغر مستوطن حاقد في المستوطنات «الإسرائيلية»، ومع ذلك فقد ظلّ قطار الإعلام العربي منطلقاً أو منزلقاً في الاتجاه ذاته حتى هذه اللحظة، ولا ندري ما هي الغاية الحقيقية وما وجه الاستفادة التي نجنيها كمواطنين عرب من الإنصات إلى أكاذيبهم وادعاءاتهم وتزويرهم وأحقادهم؟ وفي الحقيقة فنحن هنا لا ندافع عن قناة «الجزيرة» ولا نهاجمها، لكن من حقنا أن نختلف معها وبحدة طالما أن الخلاف حقّ، وطالما كنا معنيين بما تقدمه، ومستهدفين مباشرة من قبل واضعي استراتيجيتها، ومع اعترافنا بحِرَفيّتها الإعلامية وبحِرَفيّة إعلامييها والطواقم الفنية فيها، إلا أن ذلك لا يبيح لها أن تستضيف رموز السياسة الصهيونية على الهواء مباشرة، وأن تسمح لهم بتوجيه الشتائم والسباب لنا وتسفيه ثوابتنا وتوجهاتنا بمنتهى الحرية والبذاءة معاً! في إحدى نشرات الأخبار المسائية مساء الاثنين الماضي، استضاف المذيع (محمد كريشان) المتحدث باسم الخارجية «الإسرائيلية» (أوفير جندلمان) ليعرف رأيه وحكومته في عملية الخُضيرة الاستشهادية الأخيرة، فما كان من (جندلمان) سوى أن فتح قاموس الشتائم ليكيلها على الشعب الفلسطيني والمجاهدين الفلسطينيين (القتلة الهمج، المتوحشين، قاتلي الأطفال الأبرياء والمواطنين المدنيين و...) إنهم ليسوا سوى (سفلة قتلة) و«إسرائيل» لم ولن تستهدف المدنيين والأبرياء الفلسطينيين يوماً!! ولكنكم تقتلون الفلسطينيين علناً، وتبيدون أطفالهم وشبابهم في وضح النهار، إنكم تهدمون منازلهم على رؤوسهم وتجعلونهم يودعون شهداءهم وبالعشرات يومياً.. (جندلمان) يرد على ذلك بأنه إذا كان هذا هو الادعاء العربي لتفسير العنف والإرهاب (ضد مواطنينا الأبرياء وأطفالنا، فإنه ادعاء تافه!!) هذا الرجل ذو الوجه الكالح والكلمات المسمومة.. وبكل هذا الذي تفوه به ماذا أضاف لإعلام الجزيرة، وللمشاهد العربي؟ أين الضرورة وأين الموضوعية وأين حِرَفيّة الإعلام في كل هذا؟ سؤال موجه لقناة الجزيرة علّها تعتذر نيابة عن (أوفير جندلمان) باعتبار (الضيف) مسئولية مضيفه كما يقولون!!

Email