خط مباشر ـ أجندة خفية معلنة! ـ بقلم: أحمد عمرابي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاثنين 15 شعبان 1423 هـ الموافق 21 أكتوبر 2002 الخروج من عضوية «أوبك» اعادة النظر في العقود النفطية الاعتراف باسرائيل هذه هي الاولويات المعدة لعراق ما بعد صدام، وبينما ينبغي ان يكون البند الثاني محل اهتمام شركات النفط الاجنبية وحكوماتها باختلاف جنسياتها، فإن البندين الآخرين ينبغي ان يكونا مثار قلق الدول العربية بالدرجة الاولى وبالتالي فإن الظرف الراهن يفرض على الدول العربية الحيلولة دون وقوع الغزو الاميركي على العراق، لا من باب التفضل على الشعب العراقي وانما انطلاقاً من غريزة البقاء. لقد وردت هذه الاولويات في مقابلة اجرتها احدى كبريات الصحف الايطالية مع ابرز قادة المعارضة العراقية في الخارج ـ احمد الجلبي رئيس فصيل «المؤتمر الوطني العراقي» واذا اخذنا في الاعتبار ان فصائل المعارضة العراقية نظمت برعاية وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية فإنه مما لا شك فيه ان حديث الجلبي يعكس افكار وخطط واشنطن تجاه مستقبل العراق. كان الجلبي يتحدث عن عراق «الغد».. بعد ان يسفر الهجوم الاميركي المرتقب عن نظام حكم جديد في بغداد خاضع تماماً للسيطرة الاميركية، وعندما سئل عما اذا كان العراق المستقبلي سوف يبقى في عضوية منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» اجاب بما يفيد بصورة غير مباشرة بأن عضوية اوبك ستكون عبئاً على العراق، لقد قال ان العراق سوف يحتاج كميات ضخمة من الاموال بصورة فورية. وعليه فإن بيع النفط بموجب حصص اوبك المحددة والمحدودة حاليا لن يكون كافيا للوفاء بحاجات العراق. والمعنى لا يخفى فإما ان العراق مستقبلا لن يلتزم بالانضباط الانتاجي الذي تتفق عليه دول اوبك من حين لآخر للمحافظة على اسعار النفط من الانهيار، وإما انه سوف يخرج من عضوية المنظمة لكي يتحرر نهائيا من الالتزام باتفاقاتها. لكن ايا من الخطوتين سوف تعني عمليا نسف أوبك من خلال احداث انهيار سعري كبير، ولا يخفى ان ذلك سوف يكون كارثة عظمى على اقتصادات دول عربية. فمن بين تسع دول اعضاء في المنظمة اذا استثنينا العراق هناك ست دول عربية السعودية والامارات والكويت وقطر والجزائر وليبيا. وبكلمات اخرى فإن الزعيم العراقي المعارض يقول ان من اولى اولويات حكومة «الغد» في العراق الخاضعة تماما لادارة واشنطن فتح سنبور النفط الخام العراقي على الآخر. واذا حدث ذلك فعلا فإن الفائض النفطي الضخم الذي سوف يتدفق الى السوق العالمية «علما بأن العراق يأتي في المرتبة الثانية مباشرة بعد السعودية في القدرة الانتاجية النفطية» سوف يهبط بالاسعار الى الحضيص، الآن يحوم السعر جيئة وذهاباً حول 30 دولاراً للبرميل، ولكن غدا، اذا وقعت مصيبة الهجوم الاميركي على العراق ـ لا سمح الله ـ فإن السعر قد يهبط سريعا الى ما دون عشرة دولارات. والنفط الرخيص هو في مقدمة الاهداف الاستراتيجية الاميركية من وراء خطة غزو العراق. وعندما قال الزعيم العراقي المعارض احمد الجلبي ان من بين اولويات حكومة «الغد» في بغداد اعادة النظر في العقود النفطية المبرمة حاليا، فإنه يتحدث ايضا بلسان الاجندة الاستراتيجية الاميركية، لقد قال صراحة ان اي عقود نفطية ابرمت مع العراق بعد عام 1991 غير قانونية «بسبب عقوبات الامم المتحدة» واضاف: «حين ترفع عقوبات الامم المتحدة فإن العقود سوف يعاد التفاوض بشأنها». والسؤال هو مع من وقعت حكومة الرئيس صدام هذه العقودات؟ لقد ابرم معظمها مع شركات نفط روسية وفرنسية. وفي ضوء هذه الحقيقة فإن ما يستخلص من قول الجلبي هو استبدال هذه العقود بعقود مع شركات النفط الاميركية. هذا هو هدف واشنطن التي سوف تظل دائما ترمق بعين الاستحواذ والطمع احتياطي المخزونات العراقية من النفط الخام التي تقدر بنحو 220 مليار برميل ـ ثاني اكبر مخزون في العالم على الاطلاق. ولعل في هذا ما يفسر لنا جزئيات تلك المعركة الدبلوماسية الشرسة الدائرة بين الولايات المتحدة من ناحية وروسيا وفرنسا من ناحية اخرى حول مستقبل العراق. فهي تعكس عراك مصالح حيوية حول استثمار الثروة النفطية العراقية الاسطورية. الاعتراف باسرائيل هو ايضا احدى اولويات الولايات المتحدة من خلال خطة غزو العراق وهنا يقول الجلبي ان دولة العراق في المستقبل يجب ان تعيش في سلام مع دول الجوار بما فيها اسرائيل. هذا الكلام الخطير لن يدرك مغزاه بقدر كاف إلا اذا ربط بما جرى تداوله مؤخراً في وسائل الاعلام العالمية ولم تنفه واشنطن حول خطة اميركية لحكم العراق كمستعمرة محتلة بعد غزوه ويكون على رأس الحكم جنرال اميركي، واذا قرأنا هذه المعلومة من خلال اجنذة تحالف اليمين المسيحي المتطرف مع الحركة الصهيونية في الولايات المتحدة، فإن معناها ان مآل العراق هو ان يتحول الى قاعدة عربية جديدة للنفوذ الاسرائيلي على المنطقة العربية. ازاء هذا كله أليس عجيبا ان تتصرف الدول العربية تجاه التهديد الاميركي بغزو العراق وكأنه أمر لا يهم سوى العراق وحده؟

Email