تراجيديا العراق ـ بقلم: محمد صادق الحسيني

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 14 شعبان 1423 هـ الموافق 20 أكتوبر 2002 «حمزة الحسن» كاتب عراقي لا اعرفه لا في الاسم ولا في الصورة، وقد يكون اسمه مستعاراً وقد يكون حقيقيا وقد يكون اي واحد منا قرأت له في الانترنت مقالتين مؤثرتين جدا جعلتني من شدة التأثر اجهش بالبكاء على الحالة التي نعيشها نحن العرب والمسلمين في هذه الايام ارتأيت ان انقل مقاطع منها هنا لعل في تعميمها فائدة لتحريك الوعي العربي العام. في الاولى وهي تحت عنوان «مرثية على قبر نوري السعيد» قال فيها: «هل ارثيك ام اعتذر منك بعد مرور اكثر من اربعين سنة على ذبحك بتلك الطريقة العراقية المعروفة عبر التاريخ؟ كنت تسافر الى بريطانيا من اجل اتفاقية علنية في حين صار خصومك يذهبون الى ما كانوا يسمونها الدول الامبريالية سراً، ويقدمون خدمات خاصة لاحتلال بلدهم ثم حدث ما كان متوقعا حين رفستهم هذه القوى الكبرى واعلنت بكل وضوح لهم انكم عملاء صغار لا نفع فيكم، قدمتم خدمات لنا، ولن نختار منكم زعيما او رئيساً لانكم لا تستحقون احترام شعبكم اليوم أو غداً. كنت تعود من بريطانيا عودة علنية وكان هؤلاء الخصوم انفسهم ينتظرونك في الشوارع والمطار والساحات وهم يرفعون شعارات الخيانة والعمالة ودعوة الاجنبي ضدك، فها هم الآن صاروا يطالبون هذه القوى بتعيينهم مجرد ادلاء اذلاء وشاة على وطنهم لكن هذه القوى رفضت حتى منحهم صفة عميل او واش او دليل رفستهم في الوقت المناسب وهذا اول العقاب. تقول الوثائق البريطانية ان نوري السعيد كان يأتي الى بريطانيا مفاوضا عنيدا من اجل بلده ولكننا نفاجأ بمظاهرات تنتظره عند العودة تتهمه بالخيانة! لم تكن قديساً ولم تكن خائباً ولم تستحق هذا العقاب الذي يليق بغيرك. وفي هذه الوقفة اسمح لي ان اصلي على روحك واعتذر لك نيابة عن قتلتك. لم نكن نعرف انك ستذهب الى محكمة التاريخ وان خصومك سيذهبون يوماً علناً وعلى الشاشات الى المزبلة! واما في المقالة الثانية وهي تحت عنوان: انهم يزحفون نحو قبر علي بن ابي طالب! قال فيها: «من يعود بذاكرته قليلا الى ثقافة النصف الثاني من القرن العشرين يجد ان عصافير كثيرة تغرد فيها ليس منها اي عصفور عراقي او عربي.. فمن ينسى مثلاً عصافير مدريد أو موسكو او غرناطة أو بكين؟ فلماذا كان المثقف العربي يحشد الناس ويحرضهم على عشق ساحة السلام السماوي في بكين وينسى جماليات ساحة التحرير؟ ولماذا كان يغني.. على امجاد القطار الاممي الذي انطلق من باريس لنجدة الجمهورية الاسبانية الفتية ثم خرس فجأة في ايامنا هذه ولم يعد يطالب بقطار عربي مثلاً لنجدة الدولة الفلسطينية الفتية؟ هل لأن عصافير غزة تعيش بين الخرائب والانقاض والجثث أو لان العصفور الفلسطيني في رقته عندما قرر ان يحمل الحجر ويعلن الاضراب عن الزقزقة امام بلدوزرات جيش الاحتلال؟ هل مشكلة العصفور العراقي لانه لا يرقص على الروك والجاز بل على الطبلة والربابة؟ ولماذا مثلا لا تكون ساحات القدس ومنائرها وعصافيرها في مستوى الساحات الحمراء والخضراء و.. وفي العالم العربي ساحات كثيرة تنتظر الحشد والتعبئة من اجل معارك الحرية والاستقلال في هذه الحقبة الوحشية من العالم وفي العالم العربي عصافير كثيرة جميلة في مثل عصافير بكين وهافانا او موسكو او مدريد تنتظر ان نغني لها ونحشد القطارات العربية دفاعاً عن كرامتها، فلماذا هذا الصد عن العصافير العربية وذلك العشق لأسماء الموت من اجلها لمجرد انها ليست عربية؟ هل ان حمام الاضرحة في العراق يختلف عن حمام سايغون مثلا؟ هل ان عصافير الجنوب اللبناني اقل جمالاً تحت الاحتلال من عصافير كوبا ولا تستحق ان تكون جزءاً من النظام الشعري او الخطاب السياسي العربي؟ اين ذهبت ايام التضامن الاممي والنضال ضد الامبريالية والاستعمار الجديد الذي وصل يوما الى حد المطالبة وحشد الناس على السفر في قطارات ثورية لنجدة الثورة في كوبا أو نيكارغوا او شيلي أو موزمبيق؟ نحن ايضا عندنا ارض عربية محتلة وعقول محتلة وضمائر محتلة وكبرياء محتل وارض جديدة مرشحة للاحتلال.. اين ذهبت قصائد ومقالات التمجيد بتمثال بوشكين او ضريح لينين؟ نحن عندنا ايضا تمثال المتنبي وعندنا اضرحة قادة عظام أطول من قامة لينين وشعراء كبار اعمق من بوشكين كامام الفقراء علي بن ابي طالب وشاعر العرب الاكبر الجواهري وغيرهم الكثير الكثير، الم يصرخ ستالين عندما كانت الجيوش النازية على ابواب موسكو: انهم يقتربون من تمثال بوشكين، فاندفعت الجماهير نحو ميادين القتال لان بوشكين ليس تمثالاً من الرخام بل هو رمز الكبرياء الوطني. لماذا لا يصرخ المثقف العربي اليوم قائلاً: ان البرابرة من كل الاصناف يقصفون ارض علي بن ابي طالب كل يوم وانهم يزحفون نحو قبر علي ويدنسون القدس ويوسخون الجولان؟ هل لان عصافير الجولان عربية لم تتخرج من مدرسة الاعداد الحزبي في موسكو او بكين وتعلمت الموت الصامت على مقربة من رياح جبل الشيخ رمز الكبرياء العربي؟ اين ذهبت كل كلمات الرثاء للشاعر الاسباني لوركا في هذه الحقبة التي يقتل فيها كل يوم طفل في فلسطين لم يتخرج من مدرسة التكتيك والاستراتيجية، بل من مدرسة الحجر التي انتجت جيلاً عربياً علم العالم معنى الفرح والموت والرقص امام فوهات البنادق. لماذا نسي المثقف العربي هذه المعجزة الكبيرة وظل وفيا لحمامات غرناطة وموسكو ومدريد وبكين..؟ هناك احتلال للارض.. والوعي.. والضمير.. والثقافة العربية.. واللغة باتت مستباحة من الوعي المشوه هل نصرخ في هذه الصحراء من الصمت والجهل: انهم يزحفون نحو قبر علي...» كانت تلك مقاطع من مقالتي لكاتب عراقي أو عربي أو شرقي يئن من ثقل الاوزار التي يحملها المثقف في بلادنا المحتلة أو المرشحة للاحتلال في ظل استرخاء بل استكانة عجيبة ومريبة للنخبة لا سابق لها، واظن ان انينه يصلح ان يكون تعبيراً صادقاً لانين الملايين من حولنا. ولم يبق عندي ما اضيف عليه بعد سماعي للترهات والشعوذات التي نقلتها احدى الفضائيات الاميركية على لسان قس مسيحي متعصب، عن نبي الرحمة والعدل والسلام، نبينا ورسول رب العالمين محمد بن عبدالله، واتهامه له بالارهاب وما شابه!.. سوى ان اصرخ معه ومع الملايين من جماهيرنا: انهم يزحفون نحو قبر محمد...!! وتزداد الصرخة وجعاً اذا ما عرفت جماهيرنا بأنهم، أي التتار الجدد يعدون العدة فعلا وعملاً لا قولاً فقط للزحف على الجزيرة العربية لتمزيق اقطارها. ـ أمين عام منتدى الحوار العربي الايراني

Email