إلى اللقاء ـ جيري وجورج ـ بقلم: أحمد الكناني

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 12 شعبان 1423 هـ الموافق 18 أكتوبر 2002 قيل ونشر ان جيري فالويل قد اعتذر. فهل حقاً اعتذر هذا القس الأميركي المتعصب؟ وعم اعتذر؟ لقد سب الاسلام والمسلمين وتطاول على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. فهل اعتذر عن جريمته الاولى؟ ام اعتذر عن الثانية؟ وهل يجب ان تمر جرائمه مروراً كريماً؟ ان المتابع لنشاط هذا القس المسيحي الصهيوني المتعصب يجد انه احترف هذه اللعبة القذرة. فهو يسب الاسلام والمسلمين ويتطاول على نبي الأمة بأقذع الصفات. يفعل ذلك في برامجه التلفزيونية وعلى مرأى ومسمع من ملايين الأميركيين. فما قاله مؤخراً كان في برنامج بثه تلفزيون «سي.بي.اس» اي انه تطاول عمدا وعن قصد أمام الكاميرا وتحت اضوائها ومن ثم فقد رأته الولايات المتحدة الاميركية كلها وسمعته ايضاً. فالمحطة شهيرة وكذلك الرجل ايضاً مشهور. اما الاعتذار فقد صدر على استحياء، اذ صدر بيان من هذا القس نشر فقط عبر الانترنت. ومن الانترنت تلقفته الصحف العربية ـ على وجه الخصوص ـ وحاولت اقناعنا بأن الرجل قد اعتذر. واذا كانت القاعدة القانونية تقول بأن العقوبة يجب ان تكون بقدر الجريمة، فقد كان من الواجب عدم قبول اعتذار هذا المتعصب المجنون الا عبر نفس البرنامج وعبر نفس محطة التلفزيون كي يراه كل من رآه في المرة الاولى وكي يسمعه وهو يعتذر كل من سمعه وهو يسب الاسلام. والاكثر دهشة ان هذا القس المأفون اعلن اعتذاره بصيغة السب ايضاً فقد قال: «لم اقصد الاساءة او التعبير عن عدم الاحترام لأي مسلم صادق ملتزم بالقانون» فأي قانون هذا الذي يقصده؟ ومن ثم فإن الاعتذار جاء ايضاً كنوع من التطاول علينا جميعاً كمسلمين. اغلب الظن ان الرجل لجأ الى هذه الحيلة لانقاذ رقبته من التهديدات التي صدرت باستحلال دمه. ان هذا القس القذر يمثل مع زميله القس بات روبرتسون ظاهرة أميركية معادية لكل ما هو عربي ومسلم، فالاثنان لا يفوتان فرصة تلوح لهما الا ويتطاولان على كل مقدسات العرب والمسلمين وهذا ما فعله ايضاً القس الثاني بات روبرتسون عبر قناة «فوكس» الاميركية، فقد سب الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وتطاول وقل في الأدب الى احقر مستوى. ولعل ما يشجع الاثنان على المضي في مواقفهما تلك الرعاية التي يحظيان بها من ادارة الرئيس بوش فهما يمثلان الامتداد الروحي لبعض معاوني الرئيس الأميركي وربما الرئيس نفسه والشواهد هنا كثيرة: في يوم الثلاثاء 23 يوليو الماضي توجه 59 قساً اميركياً من الطائفة البروتستانتية ـ التي ينتمي اليها القسان ـ برسالة الى الرئيس جورج دبليو بوش دعوا فيها الرئيس الاميركي الى عدم تبني اطروحات فالويل وروبرتسون فيما يخص السياسة الاميركية تجاه اسرائيل واوضحوا في رسالتهم على حد قول جاري بيرج بروفيسور اللاهوت بكلية ميتون بولاية ألينوي ورئيس جمعية البروتستانت لفهم الشرق الاوسط واحد الموقعين على الرسالة «ان جيري فالويل وبات روبرتسون وحدهما لا يمثلان الصوت البروتستانتي في الولايات المتحدة وهما يمثلان جزءاً صغيراً منه وليس غالبيته» وطالب الموقعون على الرسالة لقاء الرئيس، ولكن لم يلتفت احد في البيت الابيض اليهم او الى رسالتهم. وتكرر المشهد نفسه هذا الشهر مع المنظمات الاسلامية فعندما ازدادت تهجمات فالويل وروبرتسون على الاسلام والمسلمين تقدم تحالف من كبريات المنظمات الاسلامية برسالة إلى الرئيس بوش في مطلع اكتوبر الجاري. ودعت المنظمات الاسلامية الرئيس بوش الى التحدث بشكل علني وصريح لايقاف حملات الاساءة الى الاسلام والمسلمين. وذكروا ان ما يقوله كل من فالويل وروبرتسون يناقض الدستور الاميركي بل ويخلق حالة من الكراهية بين طوائف الشعب الاميركي لكن الرئيس صمت ورفض توجيه اي ادانة لهذين القسين، حتى عندما حاول بعض الصحفيين استدراج اري فلايشر المتحدث باسم البيت الابيض لمعرفة موقف الرئيس مما يحدث تهرب قائلاً: «لم اقرأ ما نسب الى هؤلاء» في اشارة الى فالويل وروبرتسون وامثالهما. والمغزى من وراء ذلك ان البيت الابيض حريص تماماً على عدم توجيه اي انتقاد الى رموز تيار يرى فيه حليفاً داخلياً. وكيف يفعل ذلك وانتخابات الكونغرس على الأبواب؟ ان ادارة الرئيس بوش لم تكتف بصمتها المريب ازاء الهجمة على الاسلام من الداخل الاميركي وانما احتضنت هذا التيار وتحرص على ان تقدم له المساعدة، فبينما هي تحاصر المنظمات الاسلامية الاميركية وتضيق عليها الخناق مادياً تحت زعم محاربة الارهاب، فإنها اختارت المؤسسة التي يتزعمها بات روبرتسون كواحدة من المؤسسات التي تستحق دعم الحكومة الاميركية. حيث اختيرت هذه المؤسسة ضمن 25 مؤسسة قررت ادارة الرئيس بوش دعمها مالياً. وقد وقع الاختيار على هذه المؤسسات الخمسة والعشرين من بين خمسمئة مؤسسة تقدمت بطلبات للحصول على هذا الدعم. وامام هذه المعطيات لا يجب النظر الى الاساءات التي توجه الى الاسلام والمسلمين في الولايات المتحدة بمعزل عن سياسات ادارة الرئيس بوش تجاه العرب والمسلمين، فادارة بوش تمثل الجناح العسكري والسياسي لحرب صليبية تشن ضد العالم الاسلامي، بينما يمثل جيري فالويل وبات روبرتسون جناحها العقائدي والفكري. وهنا يجب ان ندير صراعنا معهم عبر شحذ كل الأسلحة.

Email