أبجديات ـ تكتبها: عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 11 شعبان 1423 هـ الموافق 17 أكتوبر 2002 لا يستطيع أحد أن ينكر بأن البنية القانونية الاجرائية في أغلب مؤسساتنا تعاني حالة من الفوضى لم يتم التصدي لها على امتداد ثلاثة عقود هي عمر دولة الامارات العربية المتحدة، حالة الفوضى الادارية من منظور القوانين الاجرائية تعني وجود ثغرات كثيرة يعاني منها الموظف والمراجع وبيئة العمل بشكل عام، والسؤال من المستفيد من هذه الحالة؟ لدينا ممارسات ادارية في بيئة العمل الاداري في كل مؤسساتنا لا ترتكز على مرجعية قانونية او حتى عقلانية، وهي حينما تأخذ طريقها للتنفيذ فإنها تستمد شرعيتها ونفوذها من المسئول الاول في المؤسسة (المدير أو الرئيس أو....) وفي الوقت الذي يعلم فيه هذا المسئول بأنه يمارس سلوكاً اجرائياً غير سليم (قانونا ومنطقا) إلا انه يعلم ايضا بأنه مدير وبأن كلمته نافذة وبأن احداً لن يقف في وجهه او يقاضيه أو يجادله فمن أين انبثقت هذه العقلية كنمط تفكير، وكيف أسست لنفسها هذا التواجد والبقاء والاستمرار كل هذه العقود برغم تغير الظروف والتوجهات وسياسات الحكومة المعلنة حول التقنية والاقتصاد الرقمي و... الخ. ذلك أن سياسات التوجه الحكومي نحو آفاق تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي، وانتاج التكنولوجيا ضمن مشروع عربي متكامل لا يتماشى مع انظمة وقوانين سائدة في اغلب المؤسسات ترتكز على توجهات شخصية وتعتمد على ما يريده المدير وما يحبه المسئول وما يكرهه الرئيس و... الخ، حيث في المجتمعات المتقدمة لا نجد قراراً أو اجراءات معينة تتم لاعتبارات الحب والكره والمجاملة والنفاق وما يريده المسئول أو لا يريده، فلا اعتبار للاشخاص، انما الاعتبار والحكم والمرجعية للقوانين والانظمة الثابتة الواضحة، المساوية لحقوق الناس والمحققة لمصالح العمل والمجتمع معاً. نسمع عن موظف أقيل لاسباب غير معروفة، وعن آخر جمد في مكان عمله او وظيفته لاختلافات في وجهات النظر مع المسئول الاول، أو مديره المباشر مثلاً، ونسمع عن ذلك الذي نقل من مكان إلى مكان آخر في المؤسسة كنوع من العقاب اللامنطقي فقط لان هناك وشايات ومؤامرات حيكت ضده، ونسمع عن كثيرين يذهبون إلى اعمالهم صباحاً ويعودون مع نهاية الدوام دون ان يقوموا بأي عمل سوى شرب الشاي والقهوة وقراءة الجريدة، والثرثرة على الهاتف واستقبال الضيوف في مكتبه، والخروج لساعات اثناء الدوام لاداء بعض الاعمال الخاصة، ومع ذلك يبقى هذا الموظف على حاله دون مساءلة، ودون نظر في أمره والمصيبة انه يتقاضى راتبه كاملاً آخر الشهر، والسبب ربما لانه (مجمد) وهذا تعبير لا اظنه ساريا سوى في بيئة العمل الاداري في دولنا العربية، واما لانه لا عمل له اصلاً لكنه معين لاسباب (خاصة) وهلم جرا!! هذه الممارسات واكثر موجودة في مؤسساتنا ولا يستطيع الموظف اللجوء إلى أية مرجعيات قانونية في المؤسسة (الشئون القانونية مثلا) لأنها لن تنصفه بأي حال من الاحوال اذا كان خلافه مع المسئول او المدير مباشرة!! اذن فلماذا توجد دوائر وشئون قانونية، طالما ان القانون مخترق جهاراً عياناً في بعض المؤسسات؟ السؤال الأهم: لماذا يقبل الموظف هذه الأوضاع؟ ولماذا لا توجد مرجعيات اخرى خارج حزمة المؤسسة يمكن للمتضرر العودة اليها؟ ذلك انه من غير المنطقي ان يكون الخصم هو الحكم في ذات الوقت؟ البيئة الادارية لا تعاني من البيروقراطية والروتين فقط وانما تعاني من خروقات اجرائية تضطهد الكثيرين دون رادع، وتؤلف اشكالاً مختلفة من التردي والتخلف الذي لا نحتاج إلى المزيد منه، هذا التردي الذي يضعنا في مأزق حينما نقارن انفسنا مع (الآخر) المتقدم علينا بسنوات وليس بأيام، ويثبتنا في اسفل قوائم الدول حينما تعلن نتائج الدول من حيث احتوائها على الفساد أو الممارسات الخاطئة ضد حقوق الانسان! نحتاج هزة قانونية تعيد ترتيب الاوراق في ملفاتها الاجرائية القانونية، وتضمن سير العمل وفق ارادة القانون لا امزجة المسئولين!

Email