تراثيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 9 شعبان 1423 هـ الموافق 15 أكتوبر 2002 قال دعبل: دخلت على يحيى بن عبدالله بن خالد بن أمية يوماً والمائدة موضوعة، والقوم يأكلون، وقد رفع بعضهم يده. فمددت يدي لآكل، فقال: أجهز على الجرحى، ولا تتعرض للاصحاء. يقول: تعرض للدجاجة التي قد نيل منها، والفرخ المنزوع الفخذ. فأما الصحيح فلا تتعرض له. فهذا معناه في الجرحى. بينما قوم جلوس عند رجل من أهل المدينة يأكلون عنده سمكاً اذ استأذن عليهم أشعب، فقال أحدهم: إن من شأن أشعب البسط إلى أجل الطعام، فاجعلوا كبار هذه السمك في قصعة بناحية، ويأكل معنا الصغار. ففعلوا. وأذن له، فقالوا له: كيف رأيك في السمك؟ فقال: والله إن لي عليها لحردا شديداً وحنقاً، لأن أبي مات في البحر وأكلته الاسماك. قالوا له: فدونك خذ بثأر أبيك. فجلس ومد يده إلى سمك منها صغير، ثم وضعه عند أذنه، وقد نظر إلى القصعة التي فيها السمك في زاوية المجلس، فقال: أتدرون ما يقول لي هذا؟ قالوا: لا ندري: إنه يقول: إنه لم يحضر موت أبي ولم يدركه لأن سنه يصغر عن ذلك، ولكن قال لي: عليك بتلك الكبار التي في زاوية البيت، فهي أدركت أباك وأكلته. وكان رجل من الأمراء يستظرف طفيلياً يحضر طعامه وشرابه، وكان الطفيلي أكولاً شروباً. فلما رأى الامير كثرة أكله وشربه اطرحه وجفاه، فكتب اليه الطفيلي: قد قل أكلي وقل شربي وصرت من بابة الأمير (ممن يصلح معه) ومر طفيلي بقوم من الكتبة، فسلم ثم وضع يده يأكل معهم. قالوا له: اعرفت منا أحداً؟ قال: عرفت هذا. واشار إلى الطعام. فقالوا: قولوا بنا فيه شعراً. فقال الاول: لم أر مثل سرطه ومطه وقال الثاني: ولفه دجاجة ببطه وقال الثالث: كأن جالينوس تحت إبطه فقال الاثنان للثالث: أما الذي وصفناه من فعله فمفهوم، فما يصنع جالينوس تحت إبطه؟ قال: يلقمه الجوارشن (دواء) كلما خاف عليه التخمة يهضم بها طعامه. أبوصخر

Email