آخر الكلام ـ يكتبها: مرعي الحليان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 9 شعبان 1423 هـ الموافق 15 أكتوبر 2002 في التصريح الصحفي الذي ادلى به الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع لوسائل الاعلام العالمية والمحلية اثناء افتتاحه لمعرض جيتكس امس الاول، صراحة كبيرة، واعتراف جريء بحال التقنية الحديثة عند العرب، واذا كان سموه قال: اننا كعرب نتكلم كثيرا ولا نعمل الا قليلا، فان سموه يقرأ واقع هذا الحال دون مزايدات، كاشفا عن العلة التي تؤرقنا دائما وتلكزنا حقيقتها في الضلوع وتؤلمنا وتؤلم كل طموح وكل غيور على حاضر ومستقبل امته.. هي الصراحة الجريئة من مسئول لا يخفي الحقيقة ولا يواريها ولكنه ينبش عنها الرماد لتبدو جلية امامه، ولان جلاء الحقيقة يحتاج دائما لصدمات قوية وثابتة، فانها ايضا تحتاج الى هذا القدر الكبير من الصراحة والمواجهة، وبدون هذه الشجاعة والبسالة لا تنكشف الامور ولا يسايرها الوضوح.. «اننا كعرب نتكلم كثيرا ولا نعمل الا قليلا»، حقيقة موجعة ومؤلمة يمكن تحسسها بعناية في الجوانب التي ما زال العرب يخفقون فيها ولا يحققون سبقا ويتخلفون في مساراتها. الاقتصاديون العرب يتحدثون عن وعود وآمال، يثرثرون من فوق المنابر ومن خلفها ومن امامها ومن تحتها، وفي ديباجات الخطب يضعون الوطن وطموحاته على صحن مرمر، يتحدثون عن الوحدة الاقتصادية، عن التكامل الاقتصادي، وعن المصير الاقتصادي، وعن كنوزنا فيه ومنه ولكن في حقيقة الواقع تنظر الى فعل الاقتصاد العربي في اوطانه العربية لتراه مسلوبا مقيدا، وفقيرا ومنكوبا ومتخلفا ولا يزال يعيش في عصور الظلام. تبحث في العمل العربي المشترك على كافة الصعد السياسية، الامنية، الاجتماعية، الاقتصادية، فتجد منظمات عربية وهيئات عربية واتحادات عربية بطول وعرض الوطن العربي عدد منابر الخطابة فيها يفوق عدد آلات الفاكس.. لدينا أفواه تتحدث ولدينا حناجر كالخناجر تخترق الازمنة والامكنة، ولدينا كتبة وناقلون «حكي»، ومنظرون ومدبجون وآلاف من اطنان ورق البيانات الختامية ومشاريعها، ولدينا اهداف تكفي لسلسلة من الاجيال العربية المقبلة، لكن على ارض الواقع تبخر الشمس العربية كل يوم الكلام ورذاذ الافواه وصدى الحناجر، لان الزمن الحالي لا يحتاج الطنطنات بقدر ما يحتاج الى العمل والافكار العملية.. لهذا لا تنكشف حقيقتنا امامنا نحن العرب، الا حينما نتحول ارقاما في الاحصائيات العالمية، هنا تنكشف عمليات البخر اليومي للاحلام والامنيات، لانها فعلا تبقى احلاما وامنيات ولا احد يذهب بها بجرأة الى نقطة البدايات الحقيقية.. وحينما يذكر العرب في احصائيات التنمية بأنواعها واشكالها تظهر الحقائق المرة وتنكشف.. وهنا فقط ندرك اننا كنا طيلة هذه الحقب من السنين نثرثر فقط..

Email