بدون عنوان ـ تكتبها: مريم عبدالله النعيمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 9 شعبان 1423 هـ الموافق 15 أكتوبر 2002 سؤال نتوجه به الى منفذي العمليات الارهابية في شواطيء اليمن، وفي جزيرة بالي بأندونيسيا اذا ما ثبت ان وراء هذه التفجيرات اشخاص يحملون اسم الاسلام ويتحدثون نيابة عنه؟! سؤال نوجهه الى الاهداف التي ينشدونها من وراء إثارة الذعر في العالم، وتخويف الناس، وزعزعة امن الدول، وضرب المواثيق والاعراف الدولية، والتطاول على الدماء بغير وجه حق، وبغير جريرة تستوجب القتل وازهاق الارواح؟!! لماذا تثار هذه الفتن، وتشعل كل تلك الحرائق التي لا يمكن التنبؤ بما ستلتهمه في طريقها من انجازات تفوق الحصر وتخرج عن حد السيطرة؟ لماذا باسم الاسلام تحرق المسافات التي كانت تقرب بيننا وبين شعوب اخرى تناهض الصلف الاميركي، والحقد الصهيوني، وتضرب بعرض الحائط المواقف المتقدمة والمسئولة التي وقفتها دول مثل فرنسا، والمانيا وعبّرتا من خلالها بكل وضوح عن رفضهما للعدوان الاميركي المرتقب على العراق؟ وبغض النظر عن الحسابات الخاصة للدول الرافضة للمشروع الحربي الاميركي فإنه في النهاية يصب لصالح دول وشعوب هذه المنطقة، وهي نتيجة كانت تستحق ان يبنى عليها نجاحات اخرى من شأنها ان تخفف من حدة الاختناق السياسي الذي تسبب به التفرد الاميركي بملف العراق، والاحتكار القاسي للطريقة التي يتم التعامل بها معه. فمن المستفيد من اعلان الحرب على هذه الدول التي خرجت على الارادة الاميركية، واعلنت انها ضد الحرب، وضد انتهاك سيادة القانون الدولي الذي يعطي للكيانات السياسية حقها في الاستقلال والحرية طالما انها لا تعتدي على جيرانها، ولا تستخف بالاعراف الدولية. وكيف يمكن تبرير ذلك السلوك الاجرامي الذي يقطع الطريق على هذه المواقف الجريئة، ويتحدث باسم الاسلام حاملاً سكين الغدر ليقول ان الدين يمنعنا من التواصل مع غير المسلمين، او حماية مواطنيهم على اراضينا؟! والسؤال الثائر: على اي عقل يمكن ان تسري هذه الحجج التي هي أوهى من بيت العنكبوت، ووفق اي منطق يمكن تبرير هذه النظرية التخريبية التي يبدو انها اللون الاكثر قتامة في مشهد تخلي المسلمين عن معاني الاسلام، وانتمائهم لتوجهات اخرى ألصقت بالاسلام، وأحيلت عليه بالتبعية؟ ومن حقنا وقد بلغ السيل زباه ان نرفض وبأعلى صوت لدينا هذا النوع من العروض البائسة التي تزيد من احزان الدنيا، وتضاعف من حسرات المسلمين الذين غدوا كالايتام على موائد اللئام، وأصبحوا هدفا سهل المنال، وطعما سائغا لكل النفوس المتربصة التي تتستر وراء الاسلام من اجل اهداف لم تعد بريئة او مقبولة. ان الذي ارتضاه الاسلام لاتباعه هو ان يكونوا هداة لا قضاة، واطباء لا جلادين، وحماة لحقوق الناس لا معتدين أو مثيرين للفتنة في الارض!! الذي اراده الاسلام من اتباعه هو ان يحملوا مشاعل العلم، ويحرسوا القيم، ويصونوا الحرمات ويفوا بالوعود والعهود. ولا نرى فيما يفعل اليوم من مسلسل العنف الذي تدثر بدثار الدين الا انه سكين جديدة تغرس في صدر المسلمين قبل سواهم سواء علم منفذو العمليات الارهابية ام لم يعلموا، والذي يظهر للمتابع انهم لا يعلمون، ولا يشعرون بفداحة الخسائر المروعة التي اصبحت ـ في هذا الزمن المحير ـ حكراً على المسلمين، ووقفاً عليهم من دون سائر الناس!! وما عرفناه من ثابت النصوص الشرعية هو ان الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها، كما ورد على لسان المصطفى عليه الصلاة والسلام. فكيف تجيز الدعوة ـ التي ارسلها الشارع الحكيم رحمة للعالمين ـ إباحة سفك الدماء وإثارة الفتنة في الارض؟!! ولا شك ان اللغة الاقدر على تحقيق معنى الرحمة التي ارادها الخالق هي اللغة التي تستند الى الاعتدال، وتنشد البناء، وتدفع باتجاه التواصل مع الوجود البشري من اجل تحقيق رسالة الاسلام في صيانة الحقوق العامة للناس جميعهم، بغض النظر عن هويتهم الدينية، وانتماءاتهم المذهبية. وعليه، فان اظهار الاسلام بمظهر المتعطش لسفك الدماء هو ذنب لا يغتفر، والنية الحسنة لا تكفي وحدها لتبرير هذه الجرائم في حق الآخرين. وكم فعل الجهل بأصحابه، والرعونة بأهلها، وجر على الاقربين من الويلات ما لم يجره العدو الحاقد، تماما كما فعلت براقش بأهلها، واستوجبت ذم الشعراء والناس، وصدق فيها وفي امثالها قول الشاعر: لم تكن عن جناية لحقتني لا يميني ولا شمالي رمتني بل رماها اخ علي كريم وعلى اهلها براقش تجني

Email