أبجديات ـ تكتبها: عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 5 شعبان 1423 هـ الموافق 11 أكتوبر 2002 المستقبل كما كانت تردد زوجة الرئيس الأميركي الراحل روزفلت (لهؤلاء الذين يؤمنون بجمال أحلامهم) ومع ذلك فما أكثر ما تتكسر الأحلام في نفوس الكثيرين، لأنهم يبحثون عن احلامهم تحت اقدامهم بينما الحلم يختبئ هناك بين النجوم المندسة في أعماق النفس، وكلما كانت النفس عظيمة، كانت نجومها كثيرة وضياؤها يخطف الابصار. كثيرون يسقطون صرعى ما يسمى بالاحباط واليأس لانهم يجدون بسهولة من يكسر احلامهم ويقودهم الى هاوية الظلام حيث لا أمل، وقليلون جداً اولئك الذين يضيئون الطرقات، ويفرشون المستقبل بالنور ببضع كلمات يقولونها في لحظات يتغير فيها مصير الانسان فجأة. لقد استمعت الى حكايات كثير من الناس تحدثوا عن أمنيات كانت تراودهم في سنين شبابهم المبكر لكنهم تعثروا بالكثير من الظروف والعراقيل، فتخلوا عن احلامهم واستبدلوها بأي شيء آخر لكنهم يؤكدون جميعاً بأنهم نادمون على ذلك حيث لا يفيد الندم طبعاً. روت احدى السيدات الاميركيات حكايتها مع أمنية استقرت في داخلها منذ وعت الحياة طفلة صغيرة وابنة لرجل يعمل طياراً لرش المبيدات بإحدى المزارع الصغيرة بشمال كاليفورنيا، هناك تربت (جين) وهناك امتلأت بفكرة الطيران. وفي فصل الدراسة كتبت تقريراً مطولاً أفضت فيه بحقيقة احلامها، كانت تريد ان تقود طائرة وان ترش المبيدات، وان تقف بالمظلات وتنثر البذور على السحاب ثم بأن تصبح قائدة طائرة مدنية، لكن صدمتها كانت حينما استلمت تقريرها ثانية من المعلمة التي وضعت لها درجة الرسوب مع ملاحظة تقول فيها هذه حكاية خيالية فليس من السيدات من تتولى مثل هذه الوظائف!! كان ذلك في الولايات المتحدة في العام 1959. ولقد احبطت جين فعلاً وسقطت في اليأس تماماً خاصة حينما ضحك عليها زملاؤها وزميلاتها وكل من عرف حكاية حلمها الطائر!! ولذلك فإنها في الفصل التالي كتبت في تقرير الاحلام بأنها تريد ان تصبح نادلة في مطعم فهذا كل ما يمكنها عمله حسب مؤهلاتها وظروف المجتمع!! في هذه المرة كانت مفاجأة المعلمة الاخرى، التي أعادت اليها التقرير وسألتها: اذا كانت لديك مؤهلات وأموال بلا حدود، وتستطيعين الحصول على أعلى الشهادات، فماذا ستفعلين بكل هذا؟ كانت هذه المعلمة الحكيمة تستثير مكامن الحلم النائم في داخل جين، وبالفعل فقد اثارها السؤال وشرعت تنثر على الورق أجنحة حلمها الازلي، وطائرتها التي حلمت بقيادتها والتحليق بها! لقد نظرت إليها المعلمة في الفصل وقالت لها قبل ان تبدأ الكتابة موجهة الحديث الى جميع الطلاب: «عليكم ان تدركوا بأنكم اذا لم تسعوا وراء أحلامكم فليس هناك من يحققها لكم، وانكم سوف تحققون احلامكم لو كان لديكم ايمان كاف بها»! وبالفعل فقد كانت كلمات هذه المعلمة كافية لأن تضع أقدام (جين) على طريق تحقيق حلم استغرق 10 سنوات من حياتها لكنها في النهاية وصلت وان كان برتبة مساعدة قائد طائرة، لكنها لم تيأس، فقد وصلت درجة قيادة طائرة مبيدات، وقفزت بالمظلة ورشت البذور فوق السحاب، ثم اختيرت كواحدة من ثلاث قائدات طائرة للعمل في شركة (يونايتد ايرلاين) في أميركا، وبعدها وصلت لمنصب كابتن طائرة على متن الطائرة البوينج 737 بالشركة نفسها. هناك بالفعل كلمات تغير طريق الحياة باتجاه الخلف وكلمات تقود آخرين للتحليق بعيداً حيث يسطع ضوء الشمس عالياً.

Email