كل صباح ـ الطفلان وجذور المشكلة ـ تكتبها: فضيلة المعيني

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 4 شعبان 1423 هـ الموافق 10 أكتوبر 2002 «قضية الطفلين اللذين تركهما ذووهما في الطريق بغية التخلص منهما لظروف مادية واجتماعية ولعدم وجود أوراق ثبوتية» والتي تمكنت سلطات الامن في أبوظبي من العثور على والديهما وفك رموز لغز القائهما في الشارع ينبغي ألا تمر على الجهات المسئولة مرور الكرام، فالقضية لم تنته عند حد العثور على والدي الصغيرين وشركائهما وتوجيه التهم اليهما وتقديمهما للمحاكمة، بل انها ـ أي القضية ـ وكما ذكرت في زاوية سابقة ذات مغاز كثيرة، وهي اكبر بكثير من مجرد تيه طفلين مجهولين او نبذ والديهما لهما، والأمر لا يقتصر على سلبيات انسانية فحسب ولا ينحصر فقط في اقدام ابوين خلا قلباهما من الرحمة فقذفا بفلذتي كبديهما ولفظاهما الى الطريق العام غير ابهين بأن المصير المجهول الذي ينتظرهما قد يكون مصيرا مأساويا وهما رضيعان لا يملكان من امرهما شيئا. القضية ـ يا جماعة ـ والتي ينبغي الوقوف عندها طويلا ووضع مليون خط احمر وبكل الدرجات تحت تفاصيلها ودراسة كل جوانبها بمختلف أبعادها الانسانية والاجتماعية والأمنية وتأثيرها على المجتمع، «وفصفصة» اثار كل بعد منها على حدة وطرح تساؤلات وعلامات استفهام عدة امام هذه القضية، لعل أهمها حول تمكن هذين المجرمين والدي الطفلين من العبث بالنظام العام ومخالفة قوانين الاقامة والعمل وارتكاب ما هو يتنافى مع الاخلاقيات العامة وسلوكيات غير مقبولة، كان نتاجها ولادة طفلين لفظاهما متى ما شعرا بثقل تربيتهما وأحسا بعبء عليهما فكان الحل في الخلاص منهما، معتمدين على نخوة وطيبة أهل هذا المجتمع. امر لم يقدما عليه لو لم يضمنا بعدهما عن المساءلة وغفلة القانون عليهما ثلاث سنوات هي عمر علاقتهما المحرمة وتركهما كفيليهما وهروبهما منهما والعمل لدى اخرين دون ان يسقطا في يد العدالة.. يجعلنا نتساءل.. هل تعتمد الجهات المختصة على الصدفة حتى يسقط المخالفون والمجرمون؟!! وما جدوى البلاغ الذي يتقدم به الكفيل عند هروب المكفول؟ اعتقد انه ليس اكثر من اجراء روتيني يخلي به الكفيل مسئوليته عن المكفول وجرائمه.. وعدا ذلك لا شيء. ألا ترون معي انه حان الوقت لاصدار قوانين واجراءات اكثر واقعية تضمن سلامة العلاقة بين الكفيل والمكفول وتؤدي على الاقل الى الحد من ظاهرة الهروب والعمل لدى الغير، ألم يئن الاوان للخلاص من هذه المشكلة التي اصبحت بالفعل مؤرقة وتقلق سلطات الأمن وهي تتعامل مع اناس ترتكب جنحا وجرائم تحت ستار الهروب من الكفيل، وهو حر طليق في البلاد يفعل ما يشاء وما يريد فليس هناك من يسائله او يراقبه؟ هؤلاء اي الهاربين من الكفلاء كيف السبيل الى ايقاف نشاطهم واعادتهم الى كفلائهم او اوطانهم؟ سؤال لا شك ان اجابته غامضة ومجهولة كما هي احوالهم..

Email