تراثيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 25 رجب 1423 هـ الموافق 2 أكتوبر 2002 قيل ان رجلا من بني اسرائيل صاد قبره، فقالت: ما تريد ان تصنع بي؟ قال: اذبحك فآكلك. قالت: والله ما اشفي من قرم ولا اغني من جوع، ولكن اعلمك ثلاث خصال هي خير لك من اكلي: اما الواحدة فاعلمك اياها وانا في يدك، والثانية اذا صرت على هذه الشجرة، والثالثة اذا صرت على هذا الجبل. فقال: هات الاولى. قالت: لا تتلهفن على ما فاتك. فخلى عنها، فلما صارت فوق الشجرة قال: هات الثانية. قالت: لا تصدقن بما لا يكون انه يكون، ثم طارت فصارت على الجبل فقالت: يا شقي، لو ذبحتني لاخرجت من حوصلتي درة وزنها عشرون مثقالا: قال: فعض على شفتيه وتلهف. ثم قال: هات الثالثة: قالت له: انت قد نسيت الاثنتين، فكيف اعلمك الثالثة، الم اقل لك: لا تتلهفن على ما فاتك؟ فقد تلهفت علي اذ فتك، وقلت لك: لا تصدقن بما لا يكون انه يكون، فصدقت، انا وعظمي وريشي لا ازن عشرين مثقالا فكيف يكون في حوصلتي ما يزنها! ـ وفي كتاب للهند: مثل الدنيا وافاتها ومخاوفها والموت والمعاد الذي اليه مصير الانسان. قال الحكيم: وجدت مثل الدنيا والمغرور بالدنيا المملوءة آفات مثل رجل ألجأه خوف الى بئر تدلى فيها وتعلق بغصنين نابتين على شفير البئر ووقعت رجلاه على شيء فمدهما. فنظر فاذا بحيات اربع قد اطلعن رؤوسهن من جحورهن، ونظر الى اسفل البئر فاذا بثعبان فاغر فاه نحوه، فرفع بصره الى الغصن الذي يتعلق به، فاذا في اصله جرذان: ابيض واسود يقرضان الغصن دائبين لا يفتران. فبينما هو مغتم بنفسه وابتغاء الحيلة في نجاته، اذ نظر فاذا بجانب منه جحر نحل قد صنعن شيئا من عسل، فتطاعم منه فوجد حلاوته، فشغلته عن الفكر في امره والتماس النجاة لنفسه، ولم يذكر ان رجليه فوق اربع حيات لا يدري متى تساوره احداهن، وان الجرذين دائبان في قرض الغصن الذي يتعلق به، وانهما اذا قطعاه وقع في لهوة التنين. ولم يزل لاهيا غافلا حتى هلك. ـ قال الحكيم: فشبهت الدنيا المملوءة آفات وشرورا ومخاوف بالبئر وشبهت الاخلاط التي بني جسد الانسان عليها من المرتين، والبلغم والدم بالحيات الاربع وشبهت الحياة بالغصنين اللذين تعلق بهما، وشبهت الليل والنهار ودورانهما في افناء الايام والاجيال بالجرذين الابيض والاسود اللذين يقرضان الغصن دائبين لا يفتران. وشبهت الموت الذي لابد منه بالتنين الفاغر فاه، وشبهت الذي يرى الانسان ويسمع ويطعم ويلمس فيلهيه ذلك عن عاقبة امره وما اليه مصيره بالعسيلة التي تطاعمها. ابو صخر

Email