خواطر ـ الأرانب والثعالب وبريجيت باردو ـ بقلم: صلاح عويس

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 24 رجب 1423 هـ الموافق 1 أكتوبر 2002 تعودنا ان تهتم الصحف ووكالات الأنباء بأخبار الحيوانات فمنها الطريف ومنها ما هو سخيف، لكن عنصر الغرابة قد يكون العامل المرجح في اختيار ذلك النوع من الاخبار. ويحلو لاساتذة العمل الصحفي ان يرددوا قولا شاع في عالم الصحافة وهو انه اذا عض كلب رجلا فهذا امر طبيعي، اما اذا عض الرجل الكلب فهذا هو الخبر. وقد شاعت في الايام الماضية اخبار كثيرة عن الكلاب والقطط والافيال ومعها انباء بعض اصحاب هذه الحيوانات الذين يبالغون في تدليلها ورعايتها والعناية بصحتها ومظهرها ايضاً، ومن بين هؤلاء من قد يذهب بكلبه، او من تذهب بقطتها الى الكوافير لكي يصفف شعر «المحروس» ويغسله بأفخر انواع الشامبو والعطور ولا ادري ان كان بعضهم يستعمل «البخور» ايضاً!! واذا ساورت الشكوك احداهن في ان قطتها الاثيرة تعاني من مغص ما، تكفهر الدنيا وتترك كل مشاغلها وتطير بها ملهوفة الى العيادة البيطرية لتعرضها على الطبيب ودموعها تسيل على خديها من فرط الرعب من تعب الحبيبة. ولعلكم قرأتم في الايام الماضية انباء الصراع بين الفلاحين ودعاة الرفق بالحيوان في بريطانيا فالاخيرون يطالبون بوقف رياضة صيد الثعالب بالكلاب الارستوقراطية العريقة في الريف الانجليزي بينما تظاهر الفلاحون البريطانيون في قلب لندن احتجاجاً على محاولات منع تلك الرياضة التي يتوقف رزقهم عليها، ولعل الكثيرين منا يتذكرون الحملات الواسعة التي كانت تقوم بها الممثلة الفرنسية الفاتنة بريجيت باردو التي استغلت شهرتها وفتنتها في تكتيل الجهود والاموال من اجل الدفاع عن الحيوان ارنبا كان او ديناصوراً. وتناست هذه الممثلة آلاف وملايين «الحيوانات البشرية» الذين يعانون القتل والاضطهاد والفقر والجوع على ايدي ابناء جلدتها من الاوروبيين والاميركيين. وقد تفتق ذهن اصحاب مهنة البيطرة عن وسيلة ذكية لاستنزاف اموال المفتونين والمفتونات بحب الحيوانات، فقاموا بفتح عيادات فخمة ذات إضاءات رومانسية وتتهادى في اجوائها انغام موسيقى هادئة لإراحة اعصاب الناس.. والحيوانات ايضاً... ولا تضرهم تكاليف العيادات وديكوراتها بشيء فإن «كله بثمنه» كما يقال. وبالاضافة الى ذلك نشأت في العالم صناعة عالمية ضخمة اسمها «طعام الحيوانات» وامتلأت رفوف محلات السوبر ماركت بعشرات الانواع من علب تلك الاغذية مع العناية بتغليف تلك العلب بأغطية ذات رسوم جميلة للقطط والكلاب والطيور، ولا تملك عندما تراها الا ان تتحسر على منظر الجوعى المساكين واطفال بعض مناطق آسيا وافريقيا الذين تكاد تلتصق جلودهم بعظام اجسامهم الواهنة التي يفترسها الجوع والمرض، بينما تصرخ مؤسسات المعونة الانسانية، وهي تطالب دول العالم بنجدة هؤلاء البؤساء وخاصة في المناطق التي ينهكها الجفاف او الحروب. وكم من بين الملايين من هؤلاء يتمنى ان يجد علبة من طعام القطط المدللة او الكلاب المرفهة. ومن غرائب انباء البشر مع الحيوانات تلك النزوة التي انتابت اصحاب الفيلة في تايلاند الذين اقاموا حفلا كبيرا لعقد قران فيلين من الذكور على اثنتين من الاناث، وقاموا بإعداد ملابس فضفاضة للفيلة الاربعة مطرزة بقلوب حمراء اللون، وألبسوها قبعات وردية اللون ووفقا لعادات البشر في الزواج في تايلاند حمل فيلان صغيران يتيمان اكياسا مليئة بعملات ذهبية وفضية وتوجها بها الى صاحبي «العريسين» الذكرين على اعتبار تلك العملات المهر الذي تقدمه «العروسان» الانثيان كما يقضي بذلك العرف في زواج التايلانديات بالرجال. اما القضية التي يثيرها خبر «حيواني» آخر فتتمثل في السؤال التالي: هل يجوز تزويج حيوان الى اخته الحيوانة؟! لقد اثارت هذه المسألة غضباً شديداً من دعاة الرفق بالحيوان في بريطانيا بسبب تزويج أسد بأخته. وقد اعتبر هؤلاء الدعاة ذلك عملا غير اخلاقي يتنافى مع طبيعة الحياة البرية. ويبدو انهم كانوا على حق هذه المرة لأن حياة هذه الحيوانات في البرية تجعلها ترفض بالفطرة زواج الاخوة بأخواتهم، وتقوم الأسود الكبيرة بطرد الاشبال الذكور الى البرية عندما يبلغون العامين من العمر حتى لا يحدث هذا التزاوج المرفوض بالفطرة، وحتى يحدث نوع من تجديد السلالة اذا تزوج الاشبال بلبؤات اخرى خارج «العائلة» فسبحان الخلاق العظيم.. خالق الانسان والحيوان والحب والنوى، وباعث الفطرة في مخلوقاته.

Email