إلى اللقاء ، هواجس الانسان، بقلم: تاج السر أبوسوار

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصبح جمع الثروة وتكديس المال, والبحث عن الجاه والسلطان, والمنصب الرفيع, والمكتب الوثير أهم هواجس الانسان, وأصبحت مقولة الغاية تبرر الوسيلة هي الأساس حتى لو كان الصعود إلى القمة فوق جماجم الآخرين, وخراب بيوت الكثيرين, وليس مهماً أن يخسر الإنسان نفسه, بل الأهم أن يكسب العالم, أن يجمع الثروة, أن يصل إلى سدة السلطة, أن يكون الأعلى والأقوى... لماذا يحدث كل ذلك؟ هل هو الضعف الإنساني؟ هل هي شهوة التسلط والقهر القابعة في نفوس البعض؟ هل هو ضعف الإيمان والبعد عن القرآن؟ أم ماذا؟ حقاً إنها مسألة شائكة ومحيرة, لقد تحول البعض الى شجرة لبلاب حيث إجادة التسلق إلى أعلى, عبر نفاق كاذب يجمل به نفسه ويلون به حياته, لا لشيء, سوى أن يحقق رغباته, ويصل إلى غاياته, ويصبح رقماً مهماً. إن بعض الذين تذوقوا حلاوة السلطة, ووصلوا إلى أرفع المناصب, تناسوا أو نسوا بداياتهم المتواضعة, وظروفهم الصعبة, فجعلوا سياجاً بينهم وبين الآخرين بعد أن تذوقوا شهوة السلطة وعرفوا حلاوة المنصب. إن واحداً مثل الرئيس الفلبيني المعزول استرادا الذي اقتلعته ثورة شعبية غاضبة من كرسيه, بعد أن زكمت روائح رشاويه وفضائحه أنوف الكثيرين تناسى أو نسي تاريخه كممثل, وأراد أن يواصل مسرحيته الهزلية بعد أن عاش الدور وهو في قمة السلطة, ورجل مثل عبدالرحمن واحد الرئيس الاندونيسي تناسى أو نسي أنه جاء إلى سدة الحكم في أعقاب رحيل رئيس معزول هو سوهارتو الذي جعل خزينة الدولة خاوية, وتوهم واحد أنه الأوحد فدخل نفق الرشاوى المظلم وهو ينتظر مصيره الآن... وغير استرادا وواحد كثيرون... منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر. والغريب في الأمر أن الذين في قمة السلطة لا يتعظون... وأصحاب الكراسي الوثيرة لا ينظرون إلى الخلف, وأن الواهمين من الممسكين بأهداب المناصب لا يسألون من كان قبلهم ورحل, حتى أتيحت لهم الفرصة, ليأتوا بعده... ليتقلدوا هم المناصب ويفرحوا بالمكتب. قال علي بن ابي طالب ــ كرم الله وجهه ــ يوماً ما معناه: (لا تخشوا رجلاً كان شبعاناً ثم جاع, وغنياً ثم افتقر, بل اخشوا رجلاً كان جائعاً فشبع, وفقيراً فاغتنى, فالأول لا يعمل الا بأصله والثاني لا يعرف قيمة ما أتاه لذا تتغير أخلاقه وطباعه, بتغير أوضاعه), فالجائع يأكل بشراهة حتى ولو كانت جيفة ميتة, والفقير يحاول أن يجمع أكبر قدر من المال حتى يغنى ومن يجد السلطة, يصبح متسلطاً وظالما ولأن كلمة التسلط مشتقة من السلطة, فإن السلطة إذا وجدها ظالم فويل لأناس يكون قائدهم من فقد البصر والبصيرة, وغرق حتى أذنيه في بحور الرذيلة, فهو طالما خسر نفسه بعض الوقت سعياً لكسب بعض الشيء, فليس مهماً عنده أن يخسر نفسه دائما, حتى لو خسر بعدها كل شيء. آخر نقطة إذا دعتك قدرتك إلى ظلم الناس, فتذكر قدرة الله عليك.

Email