ماذا بعد الانتخابات ، بقلم: محمود السعدني

ت + ت - الحجم الطبيعي

اكتب هذه السطور قبل ساعات قليلة من بدء عملية احصاء الاصوات وتحديد الذين فازوا بالحصانة والذين قنعوا من الغنيمة بالاياب, وبالرغم من الاتهامات التي ترددت على ألسنة بعض اقطاب المعارضة من تدخلات سافرة، خارج المقرات الانتخابية, الا ان الامر المؤكد ان الانتخابات التي انتهت امس كانت افضل مئة مرة من انتخابات عام 1995, والدليل على ذلك هو فشل عدد من اقطاب الحزب الوطني وعلى رأسهم الدكتور عبدالاحد جمال الدين رئيس لجنة الشئون العربية والاستاذ عبدالفتاح الدالي رئيس لجنة الادارة المحلية, وقد تكون بعض الممارسات الخاطئة حدثت بالفعل خارج المقرات الانتخابية, وقد يكون الحزب الوطني هو الذي قام بهذه الممارسات,ولكن الاجماع الحزبي وخصوصا من جانب احزاب المعارضة ان العملية الانتخابية عند الصناديق جرت تحت اشراف القضاة وكانت نزيهة وشفافة ومحايدة. اما وقوع بعض المخالفات خارج المقرات الانتخابية فلا احد يستطيع اثباتها ولا احد يستطيع نفيها, وهي على كل حال شوائب ستظل تلازم العمليات الانتخابية في دول العالم الثالث, ولن نجد عمليات انتخابية سليمة بنسبة 100 % الا في بريطانيا والسويد والدنمارك وسويسرا وايضا في الهند, وهي ظاهرة اثبتت ان الدول النامية ستشهد مثل هذه الانتخابات يوما ما.. قول ان شاء الله! ولكن الامر الذي يجب أن نتذكره هو ان هذه الانتخابات بدأت بحكم المحكمة الدستورية التي حكمت ببطلان الانتخابات الماضية لانها تمت بعيدا عن الاشراف القضائي وتدخل الرئيس حسني مبارك واصدر تعليماته باجراء الانتخابات وفي جميع الدوائر تحت اشراف القضاة, ولما كان عدد القضاة لايكفي لتغطية جميع الدوائر, فقد جرى الاتفاق على اجراء الانتخابات على ثلاث مراحل, وتصورنا جميعا ان القضاء ستكون له الكلمة الاولى والاخيرة على كل ما يتعلق بالعملية الانتخابية من الالف الى الياء ولكن.. وآه من هذه اللواكن, فقد اكتشفنا ان ما تصورناه كان وهما او كان حلما على رأي كاتبنا العظيم نجيب محفوظ, اما الذي حدث بالفعل ان المحكمة الادارية بمجلس الدولة قضت بعدم السماح للوزير مشعل بالاشتراك في المعركة الانتخابية, وقضت بنفس الحكم على رجل الاعمال رامي لكح, وهناك احكام اخرى كثيرة كالغاء الانتخابات في بعض الدوائر وتغيير الصفة لبعض الناخبين من فئات الى عمال وبالعكس. ولكن الحكومة بالرغم من وضوح الاحكام جعلت (ودنا من طين وودنا من عجين) تاركة الامر بين يدي سيد قراره وهو الشعار الذي رفعه الدكتور فتحي سرور ذات يوم وكان هو الساتر الذي اختفى خلفه لصوص المال العام, ولا اعرف لماذا لم تلتزم الحكومة بتنفيذ احكام المحكمة الادارية؟ وما هو السر وراء تمسكها بترشيح الوزير مشعل؟ وهل السيد الوزير لا يصلح وزيرا بدون عضوية مجلس الشعب؟ ولماذا سمحت الحكومة لرجل الاعمال رامي لكح مع ان حكم المحكمة صريح وله حجية؟ ولماذا امتنعنا عن تنفيذ المحاكم في الوقت الذي ارتضينا فيه اشراف القضاء على العملية الانتخابية. والعبدلله بالرغم من اصراري على ضرورة تنفيذ احكام القضاء في كل ما يتعلق بالعملية الانتخابية, فانني اقف متشككا في المزاعم التي تطلقها بعض احزاب المعارضة, كاطلاق النار على مواكب بعض المرشحين وهي حجج لتبرير الفشل في الانتخابات مثل حجة البليد الذي مسح التختة, ومع ذلك فالعبد لله لا يفهم السر وراء موقف الحكومة بعدم رفع اسم مرشح جهول ارتكب 7 اخطاء املائية في سطر واحد؟ ولكنها اغمضت عينيها وتركته يمضي في طريقه, وقد تسفر انتخابات الاعادة عن فوزه: وأسأل الحكومة سؤالا وأرجو الاجابة عنه, هل نحن في حاجة الى نائب امي وسط باقة النواب من العلماء والمفكرين؟ وهل وجوده ضروري لكي نخزي العين ونمنع (الأر؟) اذا كان الامر كذلك فلماذا لا نرفع يافطة صخمة علي قبة مجلس الشعب ونكتب عليها (يا ناس يا شر بطلوا ار) او لماذا لا نتبع اسلوب عم عبدالعال الطرشجي الذي كان يكتب على واجهة الدكان عبارة بليغة للغاية, عبارة تقول.. ملك الملوك اذا وهب لا تسألن عن السبب, الله يعطي من يشاء فقف على حد الادب! بداية النهاية هل تكون الانتخابات الامريكية الاخيرة هي بداية النهاية بالنسبة للكيان الضخم الرهيب الذي اسمه الولايات المتحدة الامريكية؟ هل يجري على الولايات المتحدة ما جرى هلى الاتحاد السوفييتي من قبل؟ هل تذكرون قصة العجوزين الطاعنين في السن؟ كانا لايستسلمان للنوم قبل الدخول في خناقة حامية, وكان كل منهما يقضي الليل في فراشة يتململ من شدة الهم والغم, وكان العراك بينهما يتجدد كل ليلة, وكان الغم يعصف بهما كل مساء, وذات صباح اكتشف المشرفون على الملجأ موت احدهما, وتصور الجميع ان الرجل الآخر سيكون سعيدا للغاية لان خصمه غادر الحياة وترك المسرح خاليا للآخر لكي يرتع فيه ويمرح, ولكن الذي حدث ان الرجل الآخر اصيب بالاكتئاب وانطوى على نفسه ورفض تناول الطعام او الدواء, وما لبث ان غادر الحياة بعد ايام ولا اذكر لمن كانت القصة, هل هي لتشيكوف؟ ام لسمرست موم؟ او لجي دي موباسان؟ وايا كان صاحب القصة فهي قصة موحية وذات دلالة, فهل تتكرر القصة وتسقط الولايات المتحدة لتلحق بالاتحاد السوفييتي ــ العبدلله يعتقد ان ما حدث عقب انتهاء الانتخابات الامريكية يوحي باقتراب هذه النهاية لقد انقسم الشعب الامريكي الى قسمين, فهل تنقسم الخريطة الامريكية الى قسمين؟ شمال وجنوب, غرب وشرق. لو حدث هذا سيكون حكم القدر هو الذي انتصر, ولكي يتحقق التوازن في الارض, فتقوم في امريكا جمهورية نيويورك وجمهورية كاليفورنيا وجمهورية فلوريدا, وتبرز على الساحة قوى دولية جديدة, الصين وأوروبا والهند وايران. هل العبدلله يحلم؟ ام انها الحقيقة التي سنشهدها في القريب, ارجو ان يمد الله في اعمارنا حتى نشهد هذه النهاية, وعندها سيكون لسان حال كل الغلابة, الدنيا ربيع والجو بديع, قفللي على كل المواضيع.. يارب!

Email