إعادة قراءة للتاريخ 2 ، بقلم: أحمد عمرابي

ت + ت - الحجم الطبيعي

اذا كان اسم الرئيس ليندون جونسون قد ارتبط بحرب 67 فان اسم خليفته رتشارد نيكسون ارتبط بحرب 73. الاول كان (ديمقراطياً) والثاني كان (جمهوريا).. وكلاهما كان أكثر الرؤساء الامريكيين ارتباطا باللوبي اليهودي.. لم يتفوق عليهما في ذلك الا الرئيس الحالي بيل كلينتون. عندما حققت القوات المسلحة المصرية اختراقا حاسما في المرحلة الاولى لحرب اكتوبر 73 بعبور قناة السويس ومباغتة القوات الاسرائيلية على الضفة الشرقية للقناة وبدا وكأن الحرب حسمت لصالح الطرف العربي, امر الرئيس نيكسون على الفور باقامة جسر جوي بين امريكا واسرائيل حيث نقلت طائرات الشحن الامريكية العملاقة مددا من الاسلحة والمعدات العسكرية بما قيمته 2200 مليون دولار. وذهب نيكسون ابعد من ذلك. فلكي يردع مقدما اي تحرك من الاتحاد السوفييتي لصالح الجانب العربي في الحرب فانه اقدم على خطورة على اعلى درجات الخطورة لم يجرؤ على اتخاذها رئيس امريكي قبله او بعده. فقد اعلن (البنتاجون) (وزارة الدفاع الامريكية) اثناء مسار القتال حالة التأهب القصوى النووية. في عام 1976 وصل الى البيت الابيض الرئيس (الديمقراطي) جيمي كارتر في ظروف امريكية استثنائية, داخليا كانت دوائر السلطة في حالة فوضى وارتباك بسبب (فضيحة ووترجيت) التي بسببها اضطر نكسون في العام السابق الى الاستقالة مفضلا عدم المثول في محاكمة حتمية امام الكونجرس لادانته بالكذب على الشعب. وخارجيا ألقت الهزيمة العسكرية العظمى للولايات المتحدة في الحرب الفيتنامية بظلالها الكثيفة على المجتمع الامريكي والسلطة معا فأنشقت الامة الامريكية على نفسها بين اقلية مؤيدي الحرب واغلبية معارضيها. ولما كان اللوبي اليهودي ضمن الاقلية المحبطة التي ايدت الحرب والتي توارت الى الظل بعد الهزيمة الامريكية التاريخية, لم يكن غريبا ان تسفر الانتخابات التي جرت عند نهاية عام 1975 عن فوز رئيس متحرر نسبيا من النفوذ اليهودي الصهيوني.. وبالتالي اقل عداء للعرب. جيمي كارتر مسيحي ملتزم دون تعصب و(جنتلمان) على قدر من الخلق المستقيم. رغم ذلك لم يستطع الصمود في وجه النفوذ اليهودي. عند اواخر عهد ادارته اعلن كارتر انه يقر بأن للشعب الفلسطيني الحق في تقرير مصيره وذلك بعد ان اعترف ياسر عرفات بقرار الامم المتحدة 242 الذي ينص على حق اسرائيل في الوجود (كما ينص على انسحابها من الاراضي الفلسطينية التي احتلت اعتبارا من عام 1967). ولكن سرعان ما (لحس) كارتر اعلانه اثر ضغوط قوية من اللوبي اليهودي. ويبدو ان من بين العوامل التي خذلت الرئيس كارتر تساهل الرئيس انور السادات في العملية التفاوضية مع رئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيجن التي انتهت الى اتفاقات كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الاسرائيلية. ويسجل التاريخ للرئيس كارتر معارضته الغزو الاسرائيلي الأول للبنان عام 1978. لكن يسجل له ايضا انه عجز ــ بازاء الضغوط اليهودية ــ عن ترجمة هذه المعارضة الى فعل.. ولو حتى على الصعيد الدبلوماسي. ومع نهاية عهد كارتر بحلول عام 1980 كان اللوبي اليهودي قد استرد كامل سطوته.

Email