أبجديات ،بقلم عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

(الثلج يأتي من النافذة) عنوان جميل اختاره الروائي السوري الشهير (حنَّا مينا) لإحدى أجمل رواياته, وقد نتفق معه في منطقية العنوان خاصة حينما يتعلق الأمر بتلك الدول التي يعتبر فيها تهاطل الثلوج مشهداً شتائياً مألوفا, لكننا لا نتفق أبداً مع أولئك الذين يصرون على أن ضعف الاداء وفساد بيئة العمل في بعض المؤسسات عندنا تأتي اسبابه من النوافذ او من الخارج, فالفساد لا يأتي من النافذة ابداً! قد تلعب الأمور المالية دوراً كبيراً في تدني الاداء ومستوى المخرجات النهائية في حقل التربية والتعليم مثلاً فعندما تخصص الوزارة 3.2 مليارات درهم من مجمل ميزانيتها (3.6 مليارات درهم) لبند الرواتب فقط, وما يتبقى لمجمل عمليات التطوير والكتب والايجارات و.. الخ فبلا شك سيأتي الاداء في النهاية متواضعا جدا, لكن الذي سيزيد الطين بلة هو العقليات التي تدير دفة العمل في الوزارة حيث مازال بعض المسئولين فيها يتصرفون من منطلق (غير مسئول) أبداً ضاربين عرض الحائط بقوانين العمل ومصلحة الاداء التعليمي, واضعين هذه المصلحة وخاصة مصلحة الطلاب في مهب الريح! هل أتى ذلك من النافذة؟ بالتأكيد لا, وحينما يراكم السادة المسئولون تصرفاتهم (اللامسئولة) فانهم يكتبون لهذه المؤسسة تاريخا من التهاوي والتدني يتراكم مع مرور السنين, ما يقود في النهاية إلى مؤسسة وعمل عنوانهما الضعف والفشل. ان مسئولاً في هذه الوزارة يوقع وببساطة على ورقة اجازة بعبارة (لا مانع) لمعلمة معينة لا بديل لها, ثم تخرج المعلمة في اجازة, وتهمل الادارات المختلفة (الوزارة ــ المنطقة التعليمية ــ المدرسة) توفير البديل, يعني أن اكثر من 100 طالبة ربما سيبقين بدون معلمة, وبدون تدريس وبدون امتحانات ولمدة شهرين وربما أكثر!! فمن أين جاء الخلل؟ ليس من النافذة طبعاً! أخطاء صغيرة تقود الى نتائج سيئة بالتأكيد, وأيضاً في بعض المؤسسات مثلاً يترقى موظف ما ويصعد في سلم المؤسسة الوظيفي الى أعلى المستويات ليس لأنه كفء أو مؤهل, لكن بسبب انتمائه لمدير المؤسسة! والانتماء هنا يعني الكثير: يعني المحاباة والمجاملة, والموافقة على كل ما يطرحه المدير صوابا كان او خطأ, والمشاركة في الاخطاء, وتمرير التجاوزات وغير ذلك!! وفجأة يصبح الموظف رئيس قسم أو مدير ادارة او حتى أكثر من ذلك, بينما تقييم الاداء لديه (هذا اذا كان هناك تقييم للاداء) لا يؤهله لأية مناصب, ولذلك تكثر عبارة بين الموظفين هذه الايام مفادها: اذا رضي عليك المدير فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب!! مع الاعتذار للشاعر! ضعف الاداء الاعلامي على بعض الشاشات التلفزيونية الى درجة معيبة جداً تجعل الكل يضحك على قناة بعينها ويعتبرها تتحرك في زمن آخر غير زمن المنافسة الفضائية, مما يقود الى التساؤل نفسه: هل جاء التخلف لهذه القناة من النافذة؟ بالتأكيد جاء من العقول التي تدير هذه القناة بطريقة الاقطاعيات الخاصة.. وما خفي أعظم.

Email