آخر الكلام _ يكتبها: مرعي الحليان

ت + ت - الحجم الطبيعي

(.. احموا أطفالنا ونساءنا واخوتنا في فلسطين، لا تأكلوا أو تشربوا أي منتج إسرائيلي أو أمريكي .. محمد الدرة, ابعث بهذه الرسالة إلى عشرة أشخاص آخرين..). هذا ما عليك أن تفعله حينما تتلقى مثل هذه الرسالة, التي تنتقل هذه الأيام إلى آلاف الهواتف المحمولة. من حرب النقال إلى حرب الانترنت التي أعلن انها استطاعت تدمير خمسة مواقع اسرائيلية حساسة على الشبكة يبدو ان الشارع العربي قد اختار طريقته الخاصة للتعبير عن رأيه واتخذ قرار المقاطعة بطوعية فريدة. أخبار أخرى يتناقلها الناس أيضا ومنها ان أحد المطاعم خفض أسعار وجباته إلى خمسين بالمئة بعدما خلى محله من الزبائن في ظل حملة جماهيرية لم يشهدها الشارع العربي من قبل, علاوة على ذلك ان الصغار والشباب هما الفئتان الأكثر حماسا لهذا القرار الارادي, فطلبة المدارس يتداولون هذه الأيام بيانات وقوائم بالسلع والمحال المطلوب مقاطعتها فورا, ووصلت هذه البيانات إلى البيوت ويقال ان الأمهات لا يذهبن إلى الأسواق والمحال التجارية دون مراجعة تلك القوائم. يحدث هذا بين الناس البسطاء والعاديين ويصر أغلبهم على انها الطريقة الوحيدة لكي تفهم اسرائيل وأصدقاؤها انهم قادرون على عزلها ودفعها إلى هامش الحياة فيما لو استمر صلفها واستمرت وحشيتها. على ان الأمر الآخر والمثير للدهشة أيضا هو انتشار بائعي السمك الذين يطوفون بالمنازل على دراجات هوائية ليقدموا خدماتهم من خلال توزيع أرقام هواتف للخدمة السريعة, وإذا كنت من أصحاب أكل السمك بشراهة فما عليك إلا إدارة الرقم المعطى لك لتجد السمك أمام يديك على طريقة التوصيل السريع لمحلات الوجبات السريعة.. ولا نعرف خطوة بائعي السمك الجديدة هل هي نوع من الترويج الحديث للبضائع أم انهم انضموا لقافلة المقاطعين للبضائع الاسرائيلية والأمريكية ففضلوا ان يعود الناس إلى السمك بدلا من الدجاج بالخلطة السحرية. موقف المقاطعة للبضائع وشن الحملات على المواقع الاسرائيلية على الانترنت يسري كالنار في الهشيم في الشارع العربي, ومن يتتبع الأخبار يدرك تماما ما وصل إليه حال التجار والوكلاء المتعاملين مع البضائع المقاطعة. والأمر الأهم الآن هو ان الشارع العربي والجماهير العربية أدركت ان الطرق التقليدية في الصراع العربي الاسرائيلي لم تعد ذات جدوى وان التعويل على قرارات ومواقف صار انتظارها سرابا لا يجدي نفعا وان التحرك الفردي والبدء بالنفس هو السلاح الوحيد خصوصا في ظل توفير تقنيات الاتصال الحديثة التي عوضت كثيرا عن المنشورات المحرمة, وهذه النتيجة تحمل في طياتها سؤالا كبيرا قد يبدو صعبا من الآن فصاعدا أمام قوانين المنع, وهو كيف يمكن الآن كبت ما في الصدور من غليان قد يطرأ في أي لحظة لو ان أحدهم كبس باصبعه على زر صغير ليطير منشوره في الفضاء إلى كل شعوب العالم. هل نشك بعد ذلك في قدرتنا على عزل اسرائيل وضرب أطماعها في مقدراتنا لو اننا كبسنا ازرارنا جميعا في لحظة واحدة.. انترنت أو هاتفا محمولا!! halyan@albayan.co.ae

Email