المغرب العربي.. رهانات وتحديات ، بقلم : خير الدين العايب

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتحرك الدول المغاربة منذ اشهر في سبيل احياء الاتحاد المغاربي الذي تأسس في عام 1988 بمدينة مراكش المغربية ولكن المشروع الذي كان حلما راود الشعود المغاربة منذ ان كانت ترزح تحت نير الاستعمار, فشل لاسباب عديدة اولها التدهور الذي طرأ على العلاقات بين الجزائر والمغرب. بعد الاتهامات المتبادلة بتسلل عناصر ارهابية عبر حدود البلدين. إلا ان تحسن الوضع الامني في الجزائر بعد تسليم العديد من عناصر الجماعات المسلحة نفسها للسلطات الجزائرية للاستفادة من قانون العفو الذي اقره الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة, اعاد النشاط للدبلوماسية الجزائرية لكي تتحرك مجددا وتسترد مكانة الجزائر الاقليمية والدولية بعد ان اثر فيها الوضع الامني الداخلي في السنوات الماضية, وانعكس ذلك بالايجاب على العلاقات بين الجزائر والمغرب خاصة من خلال تبادل الزيارات بين مسئولي البلدين. ولاتزال قضية الصحراء تلقي بظلالها على العلاقات المغاربية خاصة بين الجزائر والمغرب, وعلى الرغم من ان الجزائر اعلنت اكثر من مرة التزامها الحياد لكي تفسح لهيئة الامم المتحدة في ان تجري الاستفتاء الذي يقرر بموجبه الصحراويون مصيرهم تحت السيادة المغربية او في دولة مستقلة, إلا ان المغرب لا يزال يتهم الجزائر بوقوفها الى صف جبهة البوليزاريو. وعلى الرغم من ذلك فإن الاقطار المغاربية تبذل جهودا كبيرة لتجاوز هذه المعضلة ويظهر ذلك في زيارات مسئولي دول المنطقة المتبادلة في المدة الاخيرة والتي يستشف منها ان زعماء المنطقة توصلوا الى قناعة مفادها ان الابقاء على الاتحاد مجمدا لن يخدم مصالح شعوب المنطقة, خاصة وان العديد من المعطيات الاقليمية والدولية كان لها اثر بالغ التأثير على المحيط المغاربي, منها توجه العالم نحو التكتلات الاقتصادية لمواجهة التحديات والرهانات الجديدة التي افرزها الواقع الدولي الذي تشكل مباشرة بعد تفكك الاتحاد السوفييتي السابق. وتجد الدول المغاربية نفسها اليوم امام رهان صعب اما التكتل لمواجهة المشكلات والرهانات الآتية من خارج المنطقة, واما البقاء في حلقة التبعية لدول جنوب اوروبا, إلا ان الظاهر من المساعي الجارية لتجاوز الخلافات القائمة بين دول المنطقة ان هذه الاخيرة اي الدول المغاربية مدركة لمخاطر المرحلة على مستقبل شعوبها اذا ابقت على الوضع الراهن كما هو, وعليه بدأ الاعداد لترتيب البيت المغاربي منذ اشهر من خلال مساع تبذلها تونس لتقريب وجهات النظر بين الاقطار المغاربية. والملاحظة انه بعد فترة طويلة من العقوبات والمقاطعة التي فرضت على ليبيا, فإن الشركاء الرئيسيين لليبيا وفي مقدمتهم ايطاليا والمانيا اصبحوا على استعداد للتعاون في كثير من المجالات الاقتصادية, فالعملاق الهيدروكربوني الايطالي ENI وقع مع ليبيا عقدا للتنقيب عن البترول قيمته 5.5 مليارات دولار وهذا التطور في علاقات ليبيا مع جيرانها يصب في مصلحة الاتحاد المغاربي واحيائه من جديد. وبالرغم من محاولات الاتحاد الاوروبي تشجيع التحام اقليمي اكبر فإن المغرب العربي عازم على مواجهة التحديات, ويمكن لهذا الاتحاد ان يحقق الكثير لهذه الدول اجتماعيا وسياسيا وامنيا فهو يمتلك من المقومات ما يفوق تلك التي جعلت دولا اوروبية تنخرط في اتحاد ناجح حتى الآن وينتظر ان يستمر في النجاح. ان اتحادا مغاربيا يمكنه ان يحقق للمنطقة مكانة دولية اعظم على الصعيد الدولي ويحقق استقرار سياسيا واقتصاديا ناجحا وقويا فمتى يتحقق ذلك؟.. انه امل كل عربي مخلص. * باحث جزائري

Email