رأي البيان،لعبة الانسحاب الاسرائيلي

ت + ت - الحجم الطبيعي

القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء الاسرائيلي بالانسحاب من جنوب لبنان بحلول يوليو المقبل لم يفاجئ الأوساط العربية باعتباره متوقعا في ظل المعطيات الحالية لتطور الأحداث ومسارها السياسي والعسكري, سيما وان حكومة باراك تواجه ضغوطا داخلية للخروج من المستنقع اللبناني والحيلولة دون المزيد من الخسائر البشرية في صفوف الجيش الاسرائيلي وميليشيات لحد العميلة. ان قرار الدولة العبرية بالانسحاب من جنوب لبنان يحمل في ثناياه أكثر من هدف وغاية خاصة وان توقيته جاء مواكبا لتحضيرات انعقاد الاجتماع الوزاري العربي في بيروت المقرر عقده الأسبوع المقبل, وهو اللقاء الذي يحظى باهتمام ومتابعة عربية وعالمية حثيثة, وتترقبه قوى اقليمية ودولية بسبب حساسية الظرف الذي تمر به المنطقة. لقد سعت تل أبيب وكعادتها في المراوغة السياسية والابتزاز إلى ارباك خطط عقد اجتماع وزراء الخارجية العرب في محاولة مفضوحة لاثناء العرب عن اعلان تضامنهم ودعمهم للبنان في مواجهة التهديدات الاسرائيلية, وكذا لاستكمال مسعى فصل المسارين السوري واللبناني ومحاولة الايقاع بين القطرين الشقيقين عبر طرح مغريات ووعود لكل طرف على حدة. بيروت من جهتها أكدت على لسان رئيس وزرائها الدكتور سيلم الحص انها تفضل الانسحاب باتفاق نظرا لعدم ثقة لبنان في النوايا الاسرائيلية, مشيرة إلى ان هذا مطلب لبنان منذ 21 عاما. وتأتي التصريحات السياسية للحكومة الاسرائيلية حول الانسحاب في وقت لا تزال آلتها العسكرية تقصف الجنوب اللبناني وتمارس سلوكها الارهابي الذي يعكس ايديولوجية الفكر الصهيوني ويمتثل لمنهجها العدواني المناقض لكل دعاوى السلام الذي يتشدق به قادة اسرائيل ليل نهار. ان وزراء الخارجية العرب عليهم ألا ينخدعوا بتلك الألاعيب الاسرائيلية. ومن ثم فإنهم مطالبون باتخاذ مواقف صارمة لا تقف عند حد التنديد ضد اسرائيل وكل القوى التي أيدت عدوانها على لبنان, خاصة وان الشارع العربي الذي تصدى للموقفين الأمريكي والفرنسي ينتظر من الوزراء العرب الكثير, وأوله الاتفاق على موعد لعقد القمة, ورفع الحصار عن الشعب العراقي, ودعم الشقيقة سوريا في موقفها ونضالها لاسترداد كافة أراضيها, إلى جانب اتخاذ قرار جماعي عربي مساند للمقاومة اللبنانية مع تقديم الدعم بالمال والسلاح للمقاومة واعادة بناء ما دمرته آلة الحرب الاسرائيلية. وإذا اتفق الوزراء على كل هذه المطالب وغيرها فإن الواقع العربي يكون قد استعاد زخمه وأوشك على استعادة تضامنه المفقود, ويكون الوزراء قد حققوا بعض ما تطالب به الشعوب العربية.. فهل يفعل الوزراء ذلك؟

Email