أبجديات: بقلم عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

اذا أردت أن تهاجر الى كندا مثلا فما عليك سوى ان تكون حاصلاً على مؤهل تعليمي جيد, ومالكا لما لايقل عن 20 ألف دولار أمريكي وان تكون في سن تسمح لك بالعمل والانتاج, بهذه المؤهلات يمكن ان تمنح الجنسية الكندية, وكل الشروط الواردة لم توضع عبثا, وان نظرة متفحصة لهذه الشروط تضعنا امام تساؤل: لماذا يصر البعض على المطالبة بمنح الوافدين جنسية الدولة بدون قيد أو شرط؟ تجنيس العرب دون تمييز أو اشتراط القدرة المالية معترضا بذلك على الطرح الذي جاء على لسان السيد خلف الحبتور الذي نبرر له اراءه وطروحاته تلك بناء على قناعاته كرجل أعمال وتاجر تحكمه سياسات الربح والخسارة قبل أي شيء آخر, مالا نجد له تبريرا عند الزميل عبدالحميد أحمد الذي ذهب يبحث عن حل لخلل التركيبة السكانية ـ على ما يبدو ـ فوقع في محاذير عدة تستدعي التوقف والتريث لان ما طرحه لم يمر مرور الكرام على مجمل قطاعات المجتمع. اعتقد بداية ان التجنيس العشوائي دون تمييز أو قيد أو اشتراط لركائز مهمة أمر في غاية الخطورة ان يطرح أو أن يعلن هكذا وبسهولة, ثم ان عبارة (نحن دولة غنية) وعليه فلا ضرورة لان نجنس أصحاب الأموال والاستثمارات فقط, عبارة ملغومة جدا وهي نسبية وتحتمل النقاش. ذلك ان كندا ليست فقيرة على ما أعتقد حينما تشترط المقدرة المالية على المهاجرين اليها. ثم ان الدولة ـ في اعتقادي الخاص ـ ليست في حاجة لمزيد من العمالة رديئة المستوى حتى نطالب بتجنيس المهنيين والبنائين والسواقين والباعة العرب, فلا اظن ان هذا النوع من العمالة يمكن ان يشكل طموحا لاية دولة راغبة في استقطاب عمالة عالية المستوى. الامر المهم الذي لابد ان نلفت اليه النظر هو هذه المقولة التي تتلخص في حاجتنا الى معلمين ومهندسين و .. لان اساس الخلل عندنا يكمن في عدم مقدرتنا على سد النقص في هذه الوظائف, فيكون الخلل بتجنيس العمالة العربية منعا لسيطرة العمالة الآسيوية, نقول ان الخلل يكمن في ذهنية رجال الاعمال الذين لم يتجاوبوا حتى اليوم مع نداءات الحكومة ولجان توطين الوظائف ودعوة القيادة السياسية العليا بضرورة التوطين والاحلال, ما يجعل من التوطين معركة حقيقية تكشف بوضوح مدى (براجماتية) ونفعية رجال الاعمال الذين يسيرون على مبدأ الاخذ والاخذ فقط دون التفكير في العطاء ورد الجميل لهذه الدولة التي لم تبخل عليهم بأي شيء. في قضية الاحلال لدينا معلمون ومعلمات من الاخوة المواطنين يقبعون في منازلهم بانتظار فرصة عمل, وما اكثر الشباب المواطن العاطل عن العمل, وبدل الدعوة لتجنيس مدرسين من اقطار عربية سدا للنقص الاولى ان نبادر لتوظيف هذه الطاقات المواطنة التي انفق عليها الملايين في مقابل تعليمها وتربيتها. امر آخر مهم في موضوع التوطين يكمن في مستوى العمالة الحضاري, ذلك ان عمالة من مستوى مهنيين وسواقين وباعة لايمثلون اكثر من استهلاك بشري غير سليم للخدمات والمرافق, لان هذا النوع من العمالة غالبا ما يكون متدني التعليم وقادما من بيئات لم تعتد مستويات المعيشة والخدمات الموجودة هنا في دولة الامارات, وان نظرة فاحصة لكيفية استخدام الشواطىء والحدائق العامة وغيرها تعطي دليلا على مانقول. ثم أننا وهذا هو المهم هل انتهينا من توفير الخدمات جيدة المستوى للمواطنين ـ باعتبارنا دولة غنية ـ سواء كانت خدمات صحية او مساكن وتعليم جيد وفرص عمل لكافة الشباب, وضمانات اجتماعية لغير العاملين من فئات المجتمع وأمور التأمين والتأهيل وفرص التدريب و... الخ حتى نزيد كاهلنا بآخرين نقوم بتجنيسهم فنكون كمن جاء يداوي عينه فأعماها. ان الأخوة اصحاب طروحات تمليك الاجانب وتجنسيهم من اجل الاستثمار وتجنيس العرب من اجل اصلاح خلل التركيبة السكانية, بحاجة الى أن يعيدوا حساباتهم ببعد نظر وتعمق قائم على الهدوء ودراسة تجارب الآخرين واحتساب التكاليف بطريقة الجمع والطرح والقسمة لنعرف ماذا سنعطي وكم سنستفيد.

Email