مع الناس:بقلم-عبد الحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كان الطلبة يستطيعون تحرير الأراضي المحتلة, أسرع من الجيوش, على النحو الذي قام به طلاب لبنان مؤخرا فاستعادوا للدولة سيادتها على أرنون, فإننا نقترح إضافة حصة الى المناهج العربية, هي حصة تحرير الأرض, شبيهة بحصة تحرير العربي أو الانجليزي . غير ان تحرير الأرض ليس نزهة على الورق كما هو تحرير العربي, أي مادة تحرير في اللغة العربية, ومع ذلك فطلاب لبنان زحفوا على بلدة أرنون فحرروها, في خطوة مفاجئة, أول ما تثير من أسئلة في الذهن, هو السؤال الدائم عن جيوشنا العربية, التي لم تستطع حتى الآن تحرير شبر واحد من أي أرض عربية محتلة, فيما استطاع طلبة, يسميهم بعضنا شوية عيال, تحرير بلدة بكاملها من الاحتلال. وبما أن الوطن العربي, كما تقول الاحصاءات والأرقام, مجتمع شاب, أي ان نسبة الشباب فيه والطلبة هم الغالبية, فإن إضافة مادة تحرير الأرض إلى المناهج, يمكنها تخريج طلبة عندهم من الهم الوطني ما يزيد على الهم الفني, أي الغنائي والرقص والدلع والميوعة الذي تكرسه لهم كل يوم الفضائيات العربية, فنضمن مع طلبتنا تحرير شبر من أراضينا المحتلة هنا وهناك كل شهر على الأقل, وشبر على شبر نسترجع قرية فبلدة وهكذا. وعلى ذلك يمكننا بفضل طلابنا البواسل خريجي المناهج الوطنية الحقيقية تحرير ما عجزنا عنه مع جيوشنا الجرارة طوال خمسين عاما, فلا تنقضي خمسون عاما أخرى في القرن الجديد المقبل إلا وتكون كل أراضينا المحتلة في جنوب لبنان والجولان وفلسطين وكل أرض عربية أخرى, من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر, قد حررت تباعاً ورفعت فوقها الأعلام العربية من دون حاجة إلى جيوش وسلاح وطائرات مقاتلة وشعارات طنانة وشد الأحزمة على البطون لصالح المعارك القومية الكبرى, التي يصح معها الآن القول بعد تحرير أرنون بالطلاب, نسمع جعجعتها ولا نرى طحينها. ومع أن هناك من يقول, كما ذكرت بعض التقارير, ان استعادة أرنون التي ضمتها القوات الاسرائيلية مؤخرا جدا, الى المناطق المحتلة, تمت باتفاق وبدعم أمريكي, كما تسرب على لسان عمر كرامي نقلاً عن السفير الأمريكي في لبنان, الأمر الذي قد يفسر سهولة استرجاعها دون رد فعل اسرائيلي عنيف كما هي العادة, إلا ان ذلك لن يقلل من الحركة الطلابية ودورها, لا في تحرير الأراضي, فذلك ليس نزهة فعلاً ولا رحلة سهلة يقوم بها طلاب, وإنما في دعم هؤلاء لمقاومة الاحتلال بألف وسيلة ووسيلة. وعلى ذلك, فإن العربي اليوم إذا تبقى له ما يفاخر به ويفتخر, بعد الانبطاح السياسي الكبير ضمن ما يسمى بمسيرة التسوية السلمية التي ترعاها أمريكا, فهو المقاومة الوطنية اللبنانية, التي يعتبر شباب لبنان وطلابه ذخيرتها الحية ومعينها المتدفق ووقودها العضوي, ما نراه في أعمالها العسكرية الشعبية المقاومة للاحتلال, من العمليات الفدائية الى المسيرات الغاضبة وليس انتهاء بنجدة الأهالي ونصرتهم لضمان بقائهم صامدين على صدر الاحتلال. وربما يكون احتلال أرنون ثم استعادتها سريعاً, بروفة اسرائيلية فعلية للانسحاب تباعا من قرى وبلدات أخرى ضمن خطتها للانسحاب من جنوب لبنان, الذي نعرف اليوم أنه ما كان ليتم وترضى به اسرائيل من دون وجود مقاومة فعلية مستمرة وشبه يومية وتدعمها الدولة اللبنانية كما يدعمها الشعب, وتكبد اسرائيل يومياً خسائر فادحة, فيكون النصر واضحاً للإنسان المقاوم, الذي تحرر من عقد الخوف والاستسلام, وهو ربما ما يحتاجه اليوم الانسان العربي, قبل حاجتنا لتحرير الأرض, لأن هذه لايمكن تحريرها من دون تحرير الانسان أولاً.

Email