أبجديات:بقلم- عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

بصراحة تامة لقد شغلتني احداث وتداعيات ومتابعات الضربة العسكرية الامريكية البريطانية على العراق عن متابعات اخرى في الاعلام تحديدا, فقد تعمدت بوعي وادراك ان أضبط كافة حواسي على مؤشرات هذا الحدث, لأنه ليس بسيطا ابدا, كما ان دلالات المواقف العربية تجاهه خطيرة جدا ويجب الا تمر مرور الكرام . في اليومين الماضيين حاولت ان أتلمس طريقي كمشاهد عربي عبر هذا الضخ الاعلامي للبرامج والمسلسلات في قنواتنا الفضائية, فتمنيت لو أن قصفا صاروخيا قد نال من هذه الفضائيات واراحها من هذا اللهاث العابث وأراحنا من هذا الركام التافه! هل يعقل ان نصوم يوما كاملا نعاني فيه ما نعاني من جوع وعطش وصداع وخمول لنجد أنفسنا في نهاية اليوم نفطر على فوازير وبرامج كفيلة بأن تكون وحدها سببا مباشرا للصداع والكآبة وارتفاع ضغط الدم و... الخ! هل وصل بنا الأمر بأن نتحول الى (مشاهدين كرام) نتابع برنامجا (جماهيريا) يطلب مذيعه من أحدهم ان يمتطي (حمارا) ثم يذهب ليحمل (تيساً)! معه على ظهر الحمار ويعود الى حيث مقدم البرنامج؟ هل يمكن ان تجد في أي مكان في العالم مذيعا يشجع متسابقا بقوله: أتسمع يا (...) ان (الحمير) يشجعونك ايضا!! اتقوا الله فينا يا جماعة قنوات اللهو والمرح, فنحن صائمون في نهاية الأمر, نبحث في قنواتنا عن المتعة والتسلية والفائدة, ولكن ليس بهذه الطريقة المثيرة للأعصاب. وصدقوني فإن ما تعتقدون ــ خطأ ــ انه يعجب الناس ويسعدهم ليس كذلك أبدا, انه يثير عاصفة من الانتقاد في أوساط شرائح كبيرة من المجتمع, فلماذا الاصرار على هذا الهدر, وافتعال القطيعة بين الجماهير والفضائيات المحلية؟ ماذا عليكم لو انكم اتعبتم أنفسكم لتقديم نوعية من البرامج تجمع بين المتعة والبهجة والاحترام والحرفية العالية؟ لماذا تصرون على معالجة القصور بمزيد من الانكشاف والرداءة؟ لا أدري ان كان الاخوة معدو ومقدمو ومسؤولو البرامج (الجماهيرية) يعون تماما معنى جماهيرية الاعلام أم لا؟ فالجماهيرية لا تعني جماعات الخيام ومدمني الشيشة وحلقات الدخان, ولا تعني رواد المقاهي والمطاعم, وحتى اذا اعتبرنا ان هؤلاء يشكلون جزءا مهما من الجمهور فإن ذلك لا يعطي الفضائيات حقا في ابتذال قيمة الرسالة الاعلامية المطلوب ايصالها للجمهور في أجواء حميمة أو مبهجة أو غير تقليدية. نقّل جهاز التحكم بين فضائياتنا بعد العاشرة مساء ستجد ان شوارعنا جميعها مزروعة على هواء العالم مباشرة, وتأمل جيدا نوعية ما يقال وما يدور في هذه البرامج, والطريقة التي يتم بها التقديم ومستوى الحوار, وكذلك مستوى المقدمين ووقعهم على النفوس, لتعرف كم نجرم في حق أنفسنا وواقعنا ونحن نقدمه للعالم (فضائياً) بهذه الطريقة المهلهلة وربما البائسة ايضا. * سؤال: لماذا الاصرار على استدعاء رمز تراثي رفيع جدا في الوجدان العربي مثل (عنترة بن شداد) وتحويله الى أضحوكة متنقلة بين طاولات الزبائن ومدخني الشيشة؟ هل كان عنترة صورة أخرى لأبي نواس وشعراء المجون في التاريخ العربي ونحن لا ندري؟ أفيدونا أفادكم الله!

Email