مع الناس:بقلم- عبدالحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

في جامعة حيفا, تحدث أستاذ علم السياسة, المشهور بتطرفه وعدوانيته في محاضرة له مؤخرا لعدد من طالباته عن زيارة الرئيس الامريكي الاخيرة لاسرائيل, فقال : إن امريكا تفرض علينا نحن الاسرائيليين ما تريد وتضغط علينا بشكل سيىء, وعلى سبيل المثال, فان وفدا امريكيا سيصل قريبا مكونا من اكثر من 1000 شخص يتصدرهم بيل كلينتون نفسه, وسيبدأ في اقامة علاقات مع نساء وفتيات, فلاحظ ان عددا من الطالبات اسرعن بالانسحاب من القاعة احتجاجا, فخاطبهن المحاضر: لماذا السرعة, الوفد سيصل غدا. غير ان الوفد الامريكي غادر اسرائيل بعد زيارتها من دون ان يقيم اية علاقة من التي يقصدها المحاضر, بما في ذلك رئيس الوفد بيل كلينتون, الذي اضطر إلى اختصار زيارته والاسراع بالعودة إلى واشنطن, لان قضية تنتظره هناك بين يدي اعضاء الكونجرس بسبب فتاة يهودية اسمها مونيكا, فيكون ما فيه يكفيه وزيادة, من دون حاجة لعلاقات جديدة مع فتيات يهوديات في اسرائيل هذه المرة. وهكذا فالنكتة المبكرة التي تعبر عن ضيق يهودي متطرف بالزيارة الامريكية لم ينظر لها إلا من منظور واحد, تكشف عن حالة الاحتقان عند المتطرفين الاسرائيليين من كل ما من شأنه ان يصب في مصلحة السلام, اذا لم يكن هذا في خدمة اسرائيل, حتى وميزان السلام في معظمه يميل لصالح كفتهم, وهو التطرف والضيق الذي عبرت عنه لافتات السخط من الزيارة وعبارات عدم الترحيب, بما في ذلك صفاقة نتانياهو نفسه, الذي عبر في حضور الرئيس الامريكي عن اصراره على عدم الانسحاب وعدم تنفيذ اتفاق مزرعة واي, حتى ينفذ الفلسطينيون التزاماتهم, حسب زعمه. في المقابل فان الرئيس الامريكي نفسه اكد الدعم الكبير لاسرائيل, لا بوعد تقديم مساعدة اضافية مقدارها 1.2 مليار دولار, بل بالموقف السياسي, حين اكد اكثر من مرة في خطابه امام المجلس الوطني الفلسطيني, دعوته للفلسطينيين بعدم اتخاذ خطوات من جانب واحد, اي عدم اعلان الدولة ولا بحث موضوع اللاجئين ولا القدس ولا غيرها من الموضوعات من دون موافقة ورضا الطرف الاخر الاسرائيلي. هذا الدعم لاسرائيل معناه ان اتفاق مزرعة واي لن ينفذ منه بند من دون ان توافق عليه اسرائيل, وهي لن توافق من دون تفاوض على كل بند من الاتفاق, ما يعني عمليا, خاصة في ظل حكومة متطرفة وحاقدة وكاذبة كحكومة نتانياهو, ان لا شيء من الاتفاق سوف يحظى بنصيب من التنفيذ لا الانسحاب الاسرائيلي ولا اطلاق الاسرى ولا غيره من البنود. وعليه فالرئيس الامريكي غادر بمكاسب اضافية حققها لاسرائيل, اذا لم يكن من بينها الغاء بنود تحرير فلسطين من الميثاق علنا على شاشات الدنيا كلها وبطريقة مهينة فعلا تنفيذا لرغبة نتانياهو وشرط من شروطه, فبالتعهدات السياسية لها وبمطالبة الطرف الآخر الفلسطيني بعدم اللجوء إلى اتخاذ خطوات منفردة, ما يعني ان تنفيذ اتفاق واي كله بيد اسرائيل وبرغبتها خاصة بعد الزيارة. وربما يكون الرئيس الامريكي قد عاد إلى بلاده سريعا ليقبض ثمن الزيارة من موقف منتظر للكونجرس الامريكي غدا, حين يكتفي فعلا بتوجيه توبيخ له في قضية مونيكا ويصوت بعدم عزله, اما اذا جرى خلاف ذلك, فلا نكون مخطئين في التوقعات فحسب, بل تكون اسرائىل قليلة وفاء واصل معا, مما نعرف عنها سلفا.

Email