راديو جديد اختراع جديد!بقلم-د. شفيق ناظم الغبرا

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الثامن والعشرين من اكتوبر الماضي سنحت لي الفرصة لحضور احتفال خاص في العاصمة الامريكية بمناسبة اطلاق شركة (عالم الفضاء)الامريكية قمرا صناعيا من غينيا الفرنسية في افريقيا , ولكن هذا القمر يختلف عن الاقمار الاخرى لان الهدف منه انطلاقة جديدة لجهاز راديو جديد يلتقط موجاته بواسطة الاقمار الصناعية ويسمع في كل مكان في العالم, ان مؤسس الشركة وملهم صعودها هو عالم مسلم من اثيوبيا انهى دراسته في الولايات المتحدة واستقر فيها اسمه نوح سمارة, وتنطلق الفكرة الرئيسية وراء هذا الراديو الجديد من اهمية الراديو كوسيلة تعليمية وتثقيفية وكوسيلة اتصال وتسلية وذلك لسهولة استخدامه ونقله نسبة الى التلفزة. ان القمر الصناعي وبالتالي الراديو الجديد سوف يبدأ في العمل في الربيع القادم, وسوف يغطي في مرحلته الاولى افريقيا والشرق الاوسط اضافة لجنوب اوروبا, اما مرحلته الثانية والتي تبدأ عام 1999 فتبدأ باطلاق قمرين جديدين احدهما سوف يغطي كل آسيا والثاني سوف يغطي امريكا الوسطى واللاتينية, وسوف يكون الراديو الجديد مرتبطا ببرامج ومحطات تتجاوز الثمانين تتخصص في التعليم وفي مجال المرأة وفي مجال الطفولة وفي مجال الموسيقى والاخبار والبرامج الحوارية والهادفة, وسوف تذاع المحطات بلغات عدة اجنبية ومحلية عربية وافريقية وآسيوية واسبانية (امريكا اللاتينية), كما ان الراديو الصغير الحجم عليه صحن خاص صغير لالتقاط اشارات القمر الصناعي التي ستكون واضحة وخالية من أي تشويش, وهو جهاز يمكن نقله مع المسافر من مكان الى آخر ومن بلد الى آخر ومن قارة الى اخرى حيث تسمع نفس المحطات الثمانين في كل مكان, وسوف يسوق الراديو الجديد قريبا حيث تقوم بتصنيعه الآن عدة شركات عالمية. ان هذا الراديو سوف يضعف الراديو الذي نعرفه في شكله الراهن وقد يكون تمهيدا لدخول الراديو عصر الاقمار الصناعية, وقد بدأت شركات خاصة من دول عربية وآسيوية وامريكية وعالمية بشراء محطات على الراديو الجديد, فمصر مثلا سوف تبث على هذا القمر برامج تغطي كل منطقة الشرق الاوسط وافريقيا كما ان محطة لبنانية اضافة لجنوب افريقيا وغيرها تعاقدت مع القمر الصناعي لتحقيق هدف الانتشار. وبطبيعة الحال سوف ينجذب المستمع للراديو الجديد لوضوح صوته خاصة وانه سيقدم برامج حيوية ووطنية تناقش كل شيء بانفتاح وعلى الهواء مباشرة, بمعنى آخر سوف نجد شركة اماراتية او كويتية او قطرية او مغربية او سعودية تسعى لامتلاك محطة مباشرة على القمر, ولكن الفرق هذه المرة ان بث كل محطة من المحطات سوف يكون في معظم اقطار العالم الثالث وسوف يغطي بالطبع في المرحلة الاولى كل منطقة الشرق الاوسط اضافة الى افريقيا, اذن سوف تبرز محطات جديدة تطرح القضايا بانفتاح وتناقش المشكلات المحلية بحرية كبيرة تماما كما يحصل مع المحطات الفضائية المنتشرة اليوم في كل مكان ومن المتوقع ان يكون الراديو الجديد متوجها نحو الثقافة ونحو الحوار ونحو التعليم ونحو التنمية كما يتوجه نحو الموسيقى والفولكلور والسياسة والشعر, بل من المتوقع ان تشتري آلاف المدارس مئات الآلاف من الاجهزة الجديدة لاستخدامها كوسائط تعليمية, بل ان احد اهداف المشروع جعل الراديو وسيلة للتعليم وادخاله في المدارس, لهذا سوف تجد المحطات الحكومية التابعة للدول انها مضطرة للبحث عن وسائل جديدة للمناقشة تجدها مضطرة لشراء مواقع لها على هذه الشبكة من الاقمار الصناعية, وهذا الامر يعود ويطرح مرة ثانية مدى ضعف الرقابة ومدى تراجعها امام التغير الدولي والانفتاح العالمي الذي يتجاوز الحدود بين الدول والمجتمعات ويترك الحرية للمستمع لتقرير ما يريد سماعه. بين هذا العالم الجديد الذي ينمو في ظل مبادىء العلم والتعلم وبين العالم الذي اعتدنا عليه في ظل الضجيج القائم على شعارات لا نعرف مداها وحدودها يقع التناقض الاكبر, وبينما نجد في عالم الواقع مسلما يهدد بالحرب وبالتدمير او يزدهر من خلال تجارة السلاح او من خلال حمله للسلاح في مواجهة العالم نجد مسلما آخر يشير الى طريق بديل يقوم على التنوير والمعرفة والسلم والتفاؤل في المستقبل. , مدير المكتب الاعلامي الكويتي في واشنطن, استاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت*

Email