أبجديات:بقلم-عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل السلطة أنثى؟ يقولون ذلك مبررين قولهم بأنها تدفع صاحبها للتعلق بها حتى الرمق الأخير, ونادرا ما تكون أو كانت وفية له, أو نادمة عليه بعد رحيله! بعض الخبثاء يقارب بين السلطة والمرأة بهذه الطريقة, ولذلك يعتبر السلطة أنثى . وإذا كانت السلطة أنثى, فكل الحضارة أنثى ترتيبا على ذلك, لأن أهل السلطة هم الذين صنعوا ميراث الحضارة, ولا تهم طريقة الصنع, بالعنف وإراقة الدماء أم بالرفق والانسانية, ففي كل الظروف كانت المرأة هي المحرك, وهي الصانع الحقيقي طالما آمنت كل الحضارات بمقولة: (وراء كل رجل عظيم امرأة) هي بالضرورة أعظم منه. العجيب في العلاقة بين الرجل والمرأة, وبينه وبين السلطة انه دائما يدفع ثمن العلاقة غاليا, ولكنه دائما ايضا مستعد ان يدفعه في كل مرة يعلم انه سيتورط في علاقة مماثلة... بمعنى ان الرجل لا يستطيع (التوبة النصوح) عن المرأة ولا عن السلطة والسبب يعود (لحكمة ذكورية) بحتة يعلمها الله ويتباهى بها الرجل! فقد كان ذلك الرجل آمنا مطمئنا حتى لاحت الأنثى في الطريق, فتبعها, متناسيا تلك التي رافقته رحلة العناء طويلا, ونسي معها البيت والأبناء والعمل, وراح يجري وراء (السلطة) الجديدة, حتى دخل دهاليز لم يسمع بها, وبدأ عالمه كله يهتز, واهتز حتى اطاره الخارجي امام المجتمع كرجل محترم, وله هيبته. جاء إلى عمله ذات صباح متعتعاً بالسكر اثر ليلة لا تخفى ملامحها على وجه, قدم للمحاكمة, وبدأت أحواله تتعثر, أرادت الأنثى الجديدة ان يكون لها في العرس (قرص) ساخن فتقدمت للمحكمة مضيفة لقائمة الشكاوى ضده, شكوى أخرى تتهمه فيها بالاعتداء عليها!! فهل كل امرأة أنثى سيئة وعديمة الوفاء لهذه الدرجة؟ قد تكون السلطة عديمة الوفاء, لا تندم على اللاهثين خلفها, ولا تبكي عليهم اذا ما رحلوا عنها, لكن المرأة ليست كذلك أبدا, وان كانت فليس دائما. أوجستو بينوشيه الرجل صاحب الاسم الأكثر ضجيجا هذه الايام بعد عبدالله أوجلان في نشرات الأخبار قال يوما: (لا يمكن ان تتحرك ورقة في تشيلي الا اذا أمرتها بذلك) وحكم بلاده حكما عسكريا قمعيا لا مثيل له لمدة 17 عاما كان فيها إلهاً يعبد من دون الله, ومع ذلك فإن هذه السلطة (الأنثى الخائنة) لم تحفظ وده, وألقته مريضا متهالكا في أحد مستشفيات لندن. وبعدها مقبوض عليه ومطالب بتسليمه لأسبانيا لمحاكمته بتهمة قتل وابادة آلاف من الاسبان أثناء حكمه. سلطة أوجستو بينوشيه, كامرأة صاحبنا ذلك, لم تكن السلطة هي الخاطئة وانما الجنرال الذي أمرها فكانت طاغية, والطغاة لا يحفظون ودا لأحد, ولذلك فإن سلطته قلبته رأسا على عقب, وجعلته في أواخر أيامه يتلمس من فريق محاميه أية تهمة تنقذه حتى لو كانت الجنون كي ينقذ رأسه من المشنقة وحياته من سوء عاقبة الفضيحة والمحاكمة. السلطة أنثى, والحضارة أنثى والحقيقة أنثى متطلبة كما يقول أمين معلوف, يبدو ان الحياة كلها أنثى, والأنثى لا تدري بذلك لحكمة يعلمها الرجل, ومن الأفضل ألا تعلمها المرأة!

Email