الارهاب الدولي.. والكيل بمكيالين:بقلم- إبراهيم محمود علي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد الانفجارات المدوية التي جلجلت في أسماع الولايات المتحدة وهزت سفارتيها في كينيا.. وتنزانيا.. والعدوان الامريكي ضد السودان.. وافغانستان.. تصاعدت نبرة التنديد بالارهاب .. مع الكيل بمكيالين.. وتصنيف حادثي السفارتين في خانة الارهاب.. والعدوان الامريكي في خانة مكافحة الارهاب. ولا يخفى ان كلمة (الارهاب) قد اصبحت اكثر المفردات شيوعا.. وتداولا في العالم.. وبكل اللغات.. وقد عقدت سلسلة من المؤامرات الدولية في غير موقع من الكرة الارضية لمكافحة الارهاب.. مما يدل على ان الارهاب بات هاجسا يؤرق هذا العالم.. وشرا مستطيرا تسعى كل الدول لاجتثاثه. وصور الارهاب عديدة.. فهناك الارهاب الاستعماري الذي كانت تمارسه الدول الاستعمارية ضد شعوب مستعمراتها.. فقد بلغ عدد ضحايا الاستعمار الفرنسي وحده.. في الجزائر وحدها.. مليون شهيد. والارهاب الاستيطاني الذي كانت تمارسه الاقلية البيضاء ضد شعوب جنوب افريقيا.. وروديسيا.. وناميبيا.. فيما تمارسه اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. والارهاب الرسمي الذي تمارسه الانظمة الاوتوقراطية.. والانظمة القمعية ضد شعوبها.. فقد بلغ عدد ضحايا الخمير الحمر خلال فترة حكمهم في كمبوديا ـ 1975 الى 1979 ـ مليوني قتيل.. فيما يقدر عدد ضحايا نظام ستالين بأربعة ملايين قتيل. والارهاب العرقي الذي كانت تمارسه النازية لتكريس سيادة الجنس الآري.. فيما يمارسه الصرب لابادة مسلمي البوسنة والهرسك. والارهاب العقائدي الذي كانت تمارسه الشيوعية ضد كل من يحاول الخروج عليها. والارهاب العنصري الذي تمارسه الدول العنصرية ضد الملونين.. فيما تمارسه ضدهم عصابة الكوكلوكس كلان في الولايات المتحدة.. والنازيون الجدد في المانيا. والارهاب الفكري الذي تمارسه الدول الكبرى.. والصهيونية العالمية ضد كل من يحاول تعرية طروحاتها.. وموروثاتها الايديولوجية.. والفكرية.. والغريب ان الارهاب الفكري لا يتعرض بنفس القدر لمن يحاول التطاول على الاسلام من امثال المرتد سلمان رشدي.. والمرتدة تسليمة نسرين.. بل يتكفل بحمايتهم.. ويزين لهم الاساءة لهذا الدين الحنيف الذي ارتدّوا عنه. وقد رفضت دول الغرب (تسليم) تسليمة نسرين الى بلادها. والارهاب الاقتصادي الذي تمارسه دول الشمال الغني.. ضد دول الجنوب الفقير.. لاستغلال مواردها.. وتكريس تبعيتها.. وربطها بعجلة الاقتصاد الغربي. ويعتبر البنك الدولي.. وصندوق النقد.. من ادوات تنفيذ الارهاب الاقتصادي.. اذ ان اي دولة ترضخ لشروطهما المجحفة.. تقع تحت طائلة الديون الربوية.. وتتصاعد فوائد الديون تصاعدا مركبا يسمى في لغة البنوك Compound interest.. وتستنزف الديون وفوائدها اقتصاد الدولة اولا بأول.. ويرفع الدعم عن المواد الغذائية.. والسلع الاساسية.. ويصل التضخم الى عنان السماء.. وتهبط العملة الوطنية الى حضيض الحضيض. وتكون النتيجة كارثة اقتصادية ماحقة تصطلي بنارها كل دولة تقع في حبائل الارهاب الاقتصادي الذي تمارسه الولايات المتحدة حتى ضد دول الغرب.. فقد صدر قانون داماتو الذي تلزم الولايات المتحدة بموجبه الشركات الغربية العملاقة عدم التعامل مع ليبيا.. وايران. وهناك الارهاب الطبقي الذي كان يمارسه الاقطاعيون ضد الفلاحين الذين يعملون بنظام السخرة. والارهاب الطائفي الذي تمارسه الطوائف المتطرفة.. فقد ارتكب المتطرفون السيخ جريمة احراق مسجد بابري التاريخي في الهند.. كما ارتكبوا قبل ذلك مذبحة وحشية ضد المسلمين في قرية اسام. وكل هذا على سبيل المثال.. لا الحصر. وقد ذكر الدكتور محمد عزيز شكري.. استاذ القانون الدولي في جامعة دمشق في كتابة (الارهاب الدولي) انه في عام 1937م عقدت معاهدة دولية باشراف عصبة الامم لمكافحة الارهاب. متزامنة مع معاهدة اخرى لانشاء المحكمة الجنائية الدولية. وبعد هذا التاريخ بخمسة وثلاثين عاما جرت خلالها مياه كثيرة تحت الجسور.. وارتكب على ظهر الكرة الارضية ما لا يحصيه ذكر من جرائم الارهاب.. من قبل الافراد.. والدول على السواء.. وشهد العالم خلال ذلك قيام الحرب العالمية الثانية.. وسباق التسلح النووي.. والاستعمار.. ومصادرة حق تقرير المصير الشعوب العالم الثالث.. واغتصاب فلسطين.. والتفرقة العنصرية.. والتطهير العرقي.. وجرائم الحرب.. وما لا يحصى من الجرائم المروعة بحق شعوب افريقيا.. وامريكا اللاتينية.. وكوريا.. وفيتنام.. وهنجاريا.. وتشيكوسلوفاكيا.. وكمبوديا.. وغيرها.. دون ان تثير هذه الفظائع حفيظة العالم الاول. وفي عام 1972م.. وبعد ثلث قرن من الجرائم السياسية.. والجنائية.. وقعت عملية ميونيخ.. وعملية مطار اللد التي نفذتها عناصر الجيش الاحمر الياباني.. ووجهت تهمة التورط فيها.. بصورة مباشرة. او غير مباشرة.. الى منظمات المقاومة الفلسطينية.. وهب الاعلام العالمي من سباته.. وتحرك الاعلام الصهيوني.. والغربي لتعبئة الرأي العام العالمي ضد الارهاب الذي تعمدوا ان ينسبوه للدول الاسلامية.. والعربية بالذات. وقد انبرى الدكتور محمد عزيز شكري لتنفيذ هذه الادعاءات.. واوضح بموضوعية الاكاديمي المتخصص.. وبالادلة.. والارقام.. والتواريخ.. ان العالم الغربي.. وربيبته المدللة اسرائيل.. يمارسون كل صنوف الارهاب.. والاغتيالات.. والقرصنة الجوية.. والبحرية.. والاعتقالات الجماعية.. والمذابح.. والتطهير العرقي.. والتهجير القسري في مشارق الارض.. ومغاربها.. آناء الليل.. واطراف النهار. ولا يخفى ان الارهاب قديم قدم التاريخ.. والجرائم تقع على ظهر هذا الكوكب من العصر الحجري الى يومنا هذا الا ان الاهتمام بموضوع الارهاب على نطاق دولي بدأ من الربع الاخير من هذا القرن للاسباب الآنفة الذكر. ورغم ان جرائم الارهاب تتهدد امن المجتمع.. الا ان الحملة الدولية ضد الارهاب تتصل بدوافع سياسية.. لا امنية.. اي ان اهداف هذه الحملة المسعورة اهداف سياسية ترمي لالصاق تهمة الارهاب بالدول الاسلامية كما اشرنا.. وكما تزامنت الحملة الدولية ضد الارهاب مع عمليتي ميونيخ.. ومطار اللد.. تزامن اتهام الدول الاسلامية بالارهاب مع انهيار الاتحاد السوفييتي.. وحاجة المعسكر الرأسمالي لايجاد عدو بديل للعدو الشيوعي البائد. ولا يخفى ما في هذا الاتهام من الخلط.. فالاسلام دين الرفق.. والرحمة.. ويقول الله تعالى لنبيه الكريم في محكم تنزيله (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) ويقول له في آية اخرى (وما ارسلناك الا رحمة) للعالمين. ويقول سبحانه وتعالى لنبيه موسى وهارون حين ارسلهما الى فرعون الذي طغى (قولا له قولا لينا) . وقد ذكر الاستاذ محمد السماك في كتابه (الارهاب والعنف السياسي) ان الاعلام الغربي لا ينسب الارهاب لجنسية معينة.. او ملة معينة حين يمارسه الجيش الاحمر الياباني البوذي.. او منظمة العمل المباشر الفرنسية الكاثوليكية.. او منظمة مادر ما ينهوف الالمانية البروتستانتية.. بيد ان هذا الاعلام سرعان ما ينقلب من النقيض الى النقيض.. وينحرف 180 درجة لدى اول عملية ينفذها اي فرد ينتمي لاحدى الدول العربية.. او الاسلامية.. حتى لو كانت عملية فردية.. لا علاقة لها بأي منظمة.. او دولة.. وكثيرا ما يتقاطع التفسير السياسي للارهاب مع التفسير الاخلاقي.. فالغزو الامريكي لجرانادا.. وبنما.. والغزو السوفييتي لافغانستان.. وتشيكوسلوفاكيا.. تعتبر في عرف الغزاة اجراءات مشروعة لحماية المصالح الحيوية للدول الغازية. ولا يخضع تعريف الارهاب لمعايير محددة.. بقدر ما يتم تعريفه حسب المعايير الخاصة بكل دولة.. فمتمردو الكونترا يعتبرون احراراً يستحقون الدعم بالمال والسلاح في عرف الولايات المتحدة التي تعتبر الفدائيين الفلسطينيين ارهابيين يستحقون الادانة.. والملاحقة.. وقد شهد العالم خلال الحرب الباردة ظهور اكثر من ثمانين منظمة ارهابية موزعة على اوروبا.. وافريقيا.. واسيا.. وقد اسفر انهيار الشيوعية انهيار معظم هذه المنظمات انهيارا متتابعا كاحجار الدومينو. وكثيرا ما يردد دعاة الديمقراطية الغربية ان الارهاب يعتبر رد الفعل الطبيعي لارهاب الانظمة الاوتوقراطية.. وقد اثبتت الوقائع بطلان هذه المقولة.. وشهدت الولايات المتحدة ودول اوروبا.. ظهور عدد من المنظمات الارهابية المناهضة للديمقراطية الغربية. كما شهدت الولايات المتحدة اكبر عمليتين ارهابيتين خلال هذا القرن.. حيث قامت العصابات الامريكية بنسف مقر المباحث الفيدرالية في اوكلاهوما.. والمركز التجاري الدولي في نيويورك. ويعتبر وضع تعريف محدد لكلمة الارهاب معضلة تواجه القانونيين في الشرق.. والغرب على السواء.. فكل منهم يفسر هذه المفردة المطاطة حسب انتماءاته السياسية.. او الدينية.. او العرقية.. فالعمليات الفدائية التي ينفذها افراد من الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت نير الاحتلال الصهيوني تعتبر ارهابا على حد تعبير الاعلام الاوروبي.. والاجراءات الوحشية التي تمارسها قوات الاحتلال الصهيوني بحق المدنيين العزل تعتبر اجراءات وقائية حسب مفهوم الاعلام الغربي المأخوذ بأباطيل اللوبي الصهيوني. ولا يخلو هذا التفسير من الخلط.. فالعمليات الفدائية ضد المستوطنين المسلحين تعتبر عمليات ارهابية ضد مدنيين ابرياء.. علما بان المستوطن مسلح حتى اسنانه.. مقيم في ارض مغتصبة.. لا يعتبر مدنيا بريئا. وتعتبر كلمة الارهاب تهمة متبادلة بين السلطة.. المعارضة في الدول الاوتوقراطية.. فالارهاب في مفهوم كلا الطرفين هو ما يقوم به الطرف الاخر. وعلى الصعيد الدولي يعتبر الارهاب تهمة متبادلة بين الولايات المتحدة.. وعدد من دول العالم الثالث.. حيث تتهم الادارة الامريكية ايران.. وليبيا.. والعراق.. وسوريا.. والسودان بالارهاب.. ودعم المنظمات الارهابية.. رغم تورط الولايات المتحدة نفسها في دعم الانظمة.. والحركات الارهابية في نيكاراجوا.. والتشيلي.. والسلفادور.. وجواتيمالا.. والمكسيك وزائير.. والفلبين.. وغيرها.. بالاضافة لدورها في اغتيال رؤساء الكونغو.. وموزمبيق.. وغينيا.. وسيلان.. وقبرص.. وتشيلي. وضلوعها في عدة انقلابات عسكرية في اندونيسيا.. والبرازيل.. وغانا.. وغيرها.. فضلا عن تورطها في ممارسة الارهاب مباشرة في افغانستان.. والسودان.. والعراق.. وليبيا.. واليابان.. وكوريا.. وفيتنام.. وجواتيمالا.. وغيرها.. ودورها في اغتيال الزعيم السويدي اولف بالمه.. ورئيس الوزراء الايطالي الدو مورو.. ورئيس الوزراء الهندي نهرو.. ومحاولة اغتيال ابنته انديرا غاندي.. وفيدل كاسترو.. ومعمر القذافي. وكثيرا ما ترمي العمليات الارهابية لاهداف اخرى ابعد من الاهداف المنظورة.. فالمثل الصومالي يقول (اذبح العجل لترهيب الثور) .. وقد سئل عنترة بن شداد عن تكتيكه القتالي فقال: اضرب الجبان ضربة ينخلع لها قلب الشجاع.. فاجهز عليه. وكثيرا ما يتخذ هذا التكتيك اساسا في تنفيذ العمليات الارهابية.. فالقنابل الذرية التي القيت على هيروشيما.. ونجازاكي.. كانت ترمي الى ترويع الشعب الياباني بأسره.. ودفعه الى حافة اليأس.. والاستسلام.. وخلال حرب فيتنام ارتكبت القوات الامريكية بقيادة الملازم كالي مذبحة وحشية في قرية (ماي لي) الفيتنامية.. وذلك لترهيب الشعب الفيتنامي بأسره.. واصابة معنوياته القتالية في مقتل. والغارات الامريكية على طرابلس.. وبنغازي كانت ترمي لترهيب الشعب الليبي.. وتوعده بالمزيد من الاعتداءات ما لم يقم باسقاط القذافي.. والغارات الاسرائيلية على المخيمات الفلسطينية في لبنان.. ومقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس.. كانت ترمي لترويع الشعب اللبناني.. والشعب التونسي.. واي شعب اخر يقدم يد العون للفلسطينيين. وقد ارتكبت مختلف العصابات الصهيونية مذابح بشعة في دير ياسين.. وكفر قاسم.. وقبيه.. وغيرها.. وذلك لترويع الشعب الفلسطيني باسره.. واجباره على النزوح. كما قادت هذه العصابات سلسلة من العمليات الارهابية ضد قوات الانتداب البريطاني اشهرها عملية نسف مقر القيادة العامة البريطانية في فندق الملك داوود بالقدس.. وقد نفذت هذه العملية بقيادة ارهابي صهيوني لم تتمكن سلطات الانتداب من القبض عليه انذاك.. وادرجت اسمه في قائمة المطلوبين للعدالة في فلسطين.. ثم في بريطانيا. وتبلغ الكوميديا السوداء ذروتها حين يصل الارهابي اياه الى مطار هيثرو.. ليس بوصفه مجرما يرسف في الاغلال.. بل بوصفه زائرا يدخل من قاعة التشريفات.. وعلى رأس مستقبلية رئيس الوزراء البريطاني جيمس كالاهان!! كيف؟!! لان هذا الارهابي هو رئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيجن!! وبالطبع غضت بريطانيا الطرف عن قرار القبض عليه لاسباب اخرى لا علاقة لها بالاعتبارات والاعراف السياسية التي لم تمنع القبض على الرئيس البنمي مانويل نورييجا.. وايداعه احد السجون الامريكية كنزيل عادي.. والامعان في اذلاله بنشر صورته في الصحف وعلى صدره رقمه في سجلات ادارة السجون الامريكية. ورغم ان الانسحاب البريطاني من فلسطين كان امرا مفروغا منه.. وتحصيل حاصل نتيجة لظروف الامبراطورية التي انهكتها الحرب العالمية الثانية.. الا ان العمليات الارهابية ضد قوات الانتداب كانت ترمي الى ارغام هذه القوات على الانسحاب بأسرع وقت ممكن.. حتى تتمكن المنظمة الصهيونية في غضون ذلك من ترحيل يهود اوروبا الى فلسطين قبل ان يستقروا نهائيا هناك... او يهاجروا الى دول اخرى. كما نفذت العصابات الصهيونية سلسلة اخرى من العمليات الارهابية ضد المصالح البريطانية.. والامريكية في مصر.. بهدف قطع الطريق على المفاوضات الجارية بين مصر.. وبين بريطانيا والولايات المتحدة.. واحداث شرخ في علاقات مصر بهما.. وقد تم القبض على المتورطين في هذه العمليات التي جرت في عام 1954م.. وتقديمهم الى المحاكمة.. ونفذت فيهم احكام متفرقة بالاعدام.. والسجن.. والغريب ان هذا الارهاب الموجه ضد المصالح البريطانية.. والامريكية.. لم يتعرض للادانة في واشنطن.. ولندن. وقد استقال وزير الداخلية الاسرائيلي آنذاك بنحاس لافون بسبب هذه القضية التي اشتهرت بفضيحة لافون. وكثيرا ما تتجاوز بعض السلطات الحدود.. وتقوم بارتكاب الجرائم المروعة بحق الابرياء في معرض ملاحقتها للثوار المناوئين لها.. فقد تورطت الولايات المتحدة في مقتل اكثر من مائة الف مواطن في جواتيمالا بحجة ملاحقة الفي ثائر جواتيمالي. وفي الاتجاه المضاد ظهرت عصابة الالوية الحمراء الايطالية وبادر ما ينهوف الالمانية.. والجيش الاحمر الياباني.. والجيش الجمهور الايرلندي.. ومنظمة العمل المباشر الفرنسية.. ومنظمة ايتا الانفصالية في اقليم الباسك الاسباني.. ومنظمة نمور التاميل السيلانية. وتقوم هذه المنظمات بارتكاب الجرائم المروعة بحق الابرياء بحجة مقاومة السلطة. وكثيرا ما تكون الجريمة نوعا من الاسقاط النفسي.. وشكلا من اشكال التعبير عن مقاومة السلطة بوسائل غير مشروعة وبجرائم اسوأ من جرائم السلطة نفسها. فقد بلغ عدد ضحايا الارهاب.. والارهاب المضاد في الجزائر خلال خمس سنوات مائة الف قتيل جلّهم من المدنيين الابرياء الذين وقعوا بين سندان الجماعات المتطرفة.. ومطرقة السلطة. وقد تطورت وسائل الارهاب تطورا ينذر بتهديد البشر تهديدا جديا. فاذا كان قتل شخص يعتبر جريمة جنائية.. فان عصابة محملة بالمتفجرات.. والغاز السام.. بامكانها قتل المئات في لحظة. واذا كان اختطاف طائرة.. والتهديد بتفجيرها يعتبر عملا ارهابيا فان عصابة مسلحة باليورانيوم.. والبلوتونيوم.. بامكانها تفجير مدينة بأسرها. والتصنيف العصري للارهاب يذكرنا بالقول المأثور لشاعر الثورة الفلسطينية: قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر فكل صور الارهاب المذكورة لا غبار عليها في عرف النظام العالمي الجديد.. اما قيام فدائي فلسطيني بعملية بطوليه يدافع بها عن قضيته.. وارضه.. وشروطه الانسانية.. فهذا هو الارهاب الذي يهتز له ضمير العالم الاول.. وتعقد المؤتمرات الدولية لمكافحته. فهل توصي الامم المتحدة في اي مؤتمر دولي قادم بمكافحة كل اشكال الارهاب المذكورة.. دون تمييز.. ودون الكيل بمكيالين.

Email