مع الناس: بقلم - عبد الحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعيد المجلس الوطني الاتحادي من خلال جلسته المقبلة يوم الثلاثاء طرح موضوع الاسكان واعادته الى الاذهان, خاصة على ضوء مشروع قانون جديد اقره مجلس الوزراء مؤخرا , وهو تحرك كما يبدو حكومي وشعبي معا لايجاد حل سريع وشامل إن امكن لمشكلة الاسكان التي تفاقمت عبر السنوات الماضية حتى لم يعد تجاهلها ممكنا. ونعيد مع المجلس الحديث مرة اخرى عن هذه المشكلة, التي اشبعناها كصحافة رأيا واقتراحات وطرحا ومطلبا لايجاد حلول, لشعورنا القوي بأهميتها وتأثيرها الواسع على استقرار شريحة ضخمة من شبابنا ممن هم في سن العمل والانتاج, خاصة بعد عجز هؤلاء عن ايجاد مسكن ملائم واضطرار الكثيرين منهم الى السكن في شقق بالايجار او مع ذويهم ما افقدهم الحرية والراحة والسعة, والاهم حال بينهم وبين تكوين اسر. ولكي نكون صرحاء فان مشكلة السكن لا تقتصر على امارة دون اخرى, وان كانت تظهر في امارة اكثر من غيرها, فهي مشكلة تمتد من ابوظبي الى دبي فالشارقة وصولا الى بقية الامارات, بنسبة او بأخرى, تزيد أو تنقص حسب اهتمام الحكومات المحلية وامكانياتها, ما يجعلها على المستوى الوطني مشكلة عامة طال أمد الانتظار فيها, وزاد على سنوات كثيرة, ربما منذ نهايات السبعينات مع توقف قطار المساكن الشعبية. النتيجة اليوم ان هناك عشرات الآلاف من الطلبات على المساكن, ربما تفوق خمسة عشر الف طلب في الامارات مجتمعة على احسن تقدير تحتاج اضافة الى التمويل الكبير والمستمر الى خطة سريعة عاجلة لانجاز هذه الطلبات خلال السنوات القليلة المقبلة قبل ان يزيد الرقم ويتصاعد, مع الحاجة قطعا الى صيانة المساكن الحالية او اعادة بناء بعضها لعدم الصلاحية. وبما انه لا توجد اسرة ليس فيها اليوم من ولدين الى ثلاثة ذكور حسب المتوسط, فان هؤلاء بعد سنوات سوف يحتاجون الى مساكن, ما يعني انه مقابل كل بيت اليوم سنحتاج الى ثلاثة بيوت جديدة في المستقبل القريب, فاذا اضفنا الى هذا الاحتياج المستقبلي ما نحتاجه حاليا من مساكن لطلبات كثيرة اهملت عبر السنوات الماضية, فان تمويل الاسكان الشعبي وغير الشعبي سوف يحتاج الى مخصصات مالية ضخمة ترصد في الميزانية سنويا, وهو امر ربما لا تستطيع اعباء الميزانية بوضعها الحالي تلبيته. لذلك فالحل النهائي ليس في بناء مساكن شعبية وتوزيعها على المحتاجين, فهذه يمكن ان تتوجه الى من ليس له دخل فيكون المسكن منحة حكومية لا ترد, كفئات الأرامل مثلا والعجزة وبعض محدودي الدخل تماما, يمكن للحكومة ان تتحمل سنويا تكاليف بناء مساكن لهم, غير انها لن تستطيع حتما تحمل تكاليف كافة طلبات الاسكان, خاصة ان غالبية هذه اليوم هي لفئات الشباب والموظفين الجدد, ممن يمكن ان تقسط عليهم المساكن بأقساط مريحة. وبما ان تحمل الحكومة وحدها اعباء الاسكان العام معناه طوابير الانتظار سنوات تطول وتطول, وتكبر معها كل عام قوائم المنتظرين, حتى لو خصصت مبالغ سنوية في الميزانية لغرض الاسكان, فان الحل الواقعي والعملي والمريح والناجح حسب تجارب دول كثيرة منها دول خليجية هو انشاء بنك للاسكان برأسمال كبير, يقدم قروضا بأقساط طويلة وبفوائد ميسرة, فنضمن معه استمرار عمليات تمويل الاسكان وعدم توقفها, كما نضمن عدالة توزيع السكن حيث لن تدخل فيه الواسطات والمحسوبيات على حسب التجارب السابقة, كما يمكن عن طريقه لا البناء وحده, وانما بيع وشراء المساكن الجاهزة ايضا, ويبقى الاسكان الحكومي حقا فقط لغير القادرين على الاقتراض من فئات الدخل المحدود او فئات لا دخل لها وتعيش على الاعانات.

Email