أبجديات ـ بقلم: عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

برغم كل ما تحاوله وسائل الاعلام, فان صورة المرأة ليست على ما يرام في العقل الواعي واللاواعي للرجل. الاعلام يقع في تناقض مخز عندما يقدم المرأة كدور وكرسالة وككيان انساني مبدع او غير ذلك, وتناقضه يظهر عندما يسعى للمرأة حضورا أو تواجدا على الشاشة مثلا كضيفة أو محاضرة أو رئىسة جلسة حوارية أو شارحة لقضية أو مساهمة في موضوع مهم... الخ هذه الصور, او حتى عندما يسعى اليها حضورا وتواجدا في الساحة العامة التناقض الذي يزيد الصورة ظلمة, او الطين بلة, هو أن اعلامنا يطرح المرأة أولا كموضوع يقتات عليه من باب التغيير او لأن هذا هو المطلوب في الوقت الراهن لاعتبارات عديدة منها: توجهات القيادة السياسية, حداثة الموضوع, اهتمامات رجل الاعلام الشخصية, تجديد المعروض... الخ. والاعلام يطرح المرأة ثانيا كمشكلة او معضلة تتلخص حلولها في يدها فقط لأن مشاكلها تهمها هي فقط, بمعنى الطرح الضيق للمرأة كخصوصية متفردة, وبالتالي لا يخرج حضور المرأة اعلاميا عن اطار باهت وتافه ان صح التعبير, والاكثر ان هذه الطروحات قد عفا عليها الزمن, ولم تعد محل نقاش. هل نحتاج فعلا لأن نناقش اليوم قضية مثل: تحرر المرأة؟ قضية مثل الاختلاط, قضية مثل الجمعيات النسائية المطالبة بتعدد الزوجات؟ هل من صالح المرأة ــ وبأي شكل ــ ان تسهم في برنامج يبث فضائيا يتحدث عن مشاركتها في مسابقات جمال الحيوانات؟ وبرنامج آخر يناقش (قضية خطيرة!) هي رأي المرأة في تدخين الشيشة! لنتحدث بصراحة اكثر, باعتبار ان الصراحة هي الطريق الوحيد والوحيد فقط لمعالجة اعوجاجات الواقع وسوءاته, ولنتساءل من يعد هذه البرامج الاعلامية؟ من هو المسؤول عنها؟ ماهي العقلية والضوابط التي تحرك هؤلاء الذين يسعون لتقديم المرأة في مجتمعنا بهذه الصورة العرجاء؟ المرأة اليوم تعيش حالة من ضبط توازناتها لتتمكن من تخطي عقبات العصر الذي يضغط عليها وبشكل كبير, مطلوب منها أن تختار مواقعها بوعي, وان تكون مسؤولة عن هذا الاختيار, مطلوب منها ان تساهم في نهضة مجتمعها الذي يعاني الكثير, مطلوب منها ان تسعى للافضل ولأدوار اكثر جرأة وقوة من دور المعلمة والموظفة وعاملة البدالة مع قناعتنا بأهمية أي دور صغر أم كبر. لاحظ ــ مثلا ــ وانت تتابع باهتمام برنامجا يتحدث عن (التحديات التي تواجه المرأة) أو (صورة المرأة في الاعلام العربي) ــ مع انني لم اشاهد برامج من هذه الشاكلة حتى اليوم! ــ الا انك ستلاحظ وفي قمة تفاعلك مع هذا الطرح ان البرنامج قد انقطع لبث فقرة إعلانية بطلتها المرأة طبعا, فما هي الدعاية؟ امرأة تعرض مفاتنها بشكل رخيص جدا مؤكدة لك بأنك ان لم يقع اختيارك على هذا النوع ـ الذي تعرضه ـ من اطارات السيارات فان سيارتك لن تتحرك من مكانها, واخرى تتمايل باغراء معلنة عن.. سيراميك! واخرى عن معجون حلاقة, ورابعة عن سجائر, فبالله عليك, ما الذي سيبقى عالقا في وعيك ولا وعيك, التحديات التي تواجه المرأة, ام تفاهة المرأة وابتذالها حسب دعاية معجون الحلاقة؟

Email