أبجديات: بقلم- عائشة ابراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

أنهينا مساحة الامس بتساؤلات جاءت على لسان سيدة شاكية, وتوقفنا لضيق المكان, اليوم نقول لهذه السيدة ولكل السادة الذين تظن بأن (بعضهم) يحارب وجود النساء في العمل, ويعاديهن : ان العداء في مجال العمل, نوع من حرب خفية أزلية, يحتكم الى ضعف انساني بحت يتأسس على الغيرة والحسد والانانية, وعدم تقدير جهود الآخرين, وتوافه انسانية اخرى تغذي ذلك العداء, وتقويه وتجاهر به. هذه الحرب ليست شأنا ذكوريا بحتا في مجال العمل ــ او هذا ما نلمسه على الاقل ـ وفي مجال الحياة كلها, هي شأن انساني في حقيقته, ولكن ما يجعله من نصيب الرجل اكثر طغيان او سيطرة الرجال على ميادين العمل في مجتمعنا, نظرا لحداثة تجربة العمل النسوي لا اكثر. فيما يتعلق بموقف الرجل المواطن من زميلته المواطنة في العمل, فهو امر جد هام وفيه من الحساسية ما فيه, وان كنا قد انهينا حوارنا في مساحة الامس, بسؤال اكثر حساسية حول طبيعة ثنائية العلاقة بين الطرفين, ومدى احتمالات وجود الغيرة من قبل الرجل تجاه جهود وابداعات زميلته.. وقلت حينها باننا انما نتحاور لنصل الى الحقيقة التي قد تحجبها بعض العوائق واهمها مواريث التربية والصور النمطية التي نكونها عن بعضنا البعض في ظل غيبة الوعي وانفتاح العلاقة المباشرة دون ان تكون لنا ادنى رغبة في استعداء مشاعر الرجل او نقمته. وفي اعتقادي الخاص فإن الغيرة ايضا شأن انساني, لا يختص بها الرجل, وبقدر ما تعتقد بعض النساء العاملات بان الرجال المشاركين لهن في العمل يغارون من تفوقهن, لانهم ــ اي الرجال ــ لا يريدون منافسة المرأة او لانهم ينظرون لها بدونية, فإن تجارب الحياة تؤكد بان هناك من السيدات العاملات, كذلك ممن يشتكين من زميلاتهن, ومحاولات البعض منهن للنيل من جهودهن, والضغط على اعصابهن في اتجاه ترك العمل, للدرجة التي قد تقلب حياة العمل الممتع بين زملاء متعاونين الى جحيم لا يطاق, وهذا ما شهدته بنفسي, وحدثتني به بعض القارئات, اللواتي يعانين الامرين من زميلات (وليس زملاء) فقط لاعتقاد خاطىء بأن الموظفة المجتهدة والمبدعة, انما جاءت لتحتل مكانهن ولتزيحهن من وظائف يتمتعن بها منذ زمن بعيد, وهنا تنشب حرب خفية, وتتحول الحياة في المكاتب الى كابوس شرس وحرب تستخدم فيها (وللأسف) كل الوسائل. ان وعي العلاقة مطلوب بين زملاء العمل, وبين المرأة والرجل تحديدا, واذا كان الرجل قد اخذ مكانه, وحفر طريقه بمشقة حتى وصل الى احتلال مقاعد كل الوظائف المعروفة وغير المعروفة, فلا اقل من ان يفسح المجال للمرأة, وان يتعامل مع فرص العمل التي تحظى بها على انها حق يهبها ايّاه قانون التحول وتطور المجتمعات, لا منّة منه هو يتفضل بها عليها. المرأة العاملة, واعني بها المواطنة, بحاجة الى من يقف الى جانبها بصدق ووعي, وهي حاجة يفرضها الانتماء لهذا الوطن الذي يعمل الجميع لأجله, اكثر مما يفرضها العجز والضعف واللاحول واللا قوة. هذه الحاجة تفرضها ايضا اعتبارات, حداثة التجربة العملية التي تخوضها المرأة في ظل انعدام الخلفية التاريخية, والتجارب السابقة, التي تشكل المرتكز الذي يستند اليه السائرون على الطريق. المرأة ــ في مجتمع الامارات ـ برغم حاجتها التي تنادي بها هنا ـ الا انها اثبتت تفوقها وجدارتها, لكنها برغم ذلك فهي اول القافلة, واول الرعيل, فمن حقها ان تصرخ وتنادي كي لا يحاول احد اطفاء اول القناديل في يدها.

Email