ساطع الحصري يراجع مئة عام من الصهيونية: بقلم -عبد القادر ياسين

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحول مرور مئة عام على مأسسة الصهيونية مناسبة, في أقطار عربية, من أجل اعادة قراءة الصهيونية, وإعمال النظرة النقدية في وعينا وسلوكنا السياسي تجاه هذه الحركة, على مدى قرن من الزمان . في هذا السياق نظم (معهد البحوث والدراسات العربية) في قاعة ساطع الحصري, في مقر المعهد بالقاهرة, ندوة في هذا الشأن, توزعتها خمس محاضرات, على مدى ثلاث جلسات, استغرقت ست ساعات من يوم السبت الموافق 29/11/,97 في مناسبة خمسين سنة على صدورة قرار الأمم المتحدة القاضي بتقسيم فلسطين. افتتح الندوة مدير المعهد, د. أحمد يوسف أحمد, فقدم رئيس المنظمة العربية للثقافة والعلوم محمد الميلي, الذي اعتبر العرب مقصرين في دراسة الحركة الصهيونية, مما مكنها من تمجيل صورتها, برغم كل الجرائم التي اقترفتها. وضرب الميلي أمثلة عدة في التدليل على التسامح الاسلامي مع اليهود. كيف ترى اليهودية نفسها في الجلسة الأولى, بين رئيسها د. أحمد صدقي الرجائي, حاجتنا الماسة الى قراءة صحيحة للصهيونية, بعد ان امتلكنا رؤيتين, أولاهما مشوهة, والأخرى ناقصة. وأشار الى الصهاينة من اليهود وغير اليهود, وإلى ان موضوع الصهيونية يشغل اليهود انفسهم, بعد مئة سنة من قيام تلك الحركة, وخمسين سنة من تأسيس الكيان الصهيوني. ووصف أول المحاضرين, سيد ياسين, اسرائيل بأنها مجتمع ثرثار. وعرض لمجموعة دراسات, وضعتها الخارجية الاسرائيلية على الانترنت, توضح رؤية الصهيونية الى نفسها, موضوع المحاضرة. تضمنت أولى هذه الدراسات محاولة لبناء الاسطورة, مثل الزعم بأن اليهود طردوا من فلسطين, لكنهم لم يكفوا عن الحلم بالعودة الى (أرض الميعاد) . بيد ان الأمر لم يتوقف عند حد الاسطورة, بل بذلت المؤتمرات الصهيونية جهدوا مضنية لانجاح المشروع الصهيوني. تنتقل الدراسة الى صعود الصهيونية السياسية, وتصفها بأنها (حركة التحرر الوطني للشعب اليهودي, في سياق القومية الليبرالية التي سادت أوروبا, في القرن التاسع عشر) . وقد ظهرت ردا على فشل الهسكالا, حسب الدراسة الاسرائيلية. الى ذلك رأى الصهاينة ابناء القومية العربية مبعثرين. الدراسة الثانية عن تحقيب التاريخ الصهيوني, حيث يتضح ازدواج العمل الفكري في الحركة الصهيونية, مع النشاط التنظيمي, فضلا عن الممارسة العملية, بالاتكاء على النظرية, والتراكم والاصرار. ناهيك عن الاهتمام بالجوانب الطبية, والعلمية, والمالية, والزراعية, والصحافية. وقسمت الدراسة تاريخ الصهيونية الى مرحلتين رئيسيتين, تمتد اولاهما ما بين سنتي 1880 و1897, فيا تغطي المرحلة الثانية من 1897 ــ 1997, ووصفتها الدراسة بأنها (سنوات التحدي والانجاز) . نوهت دراسة (الفلسفات الصهيونية) بأن الصهيونية قبلت بالتعددية الفكرية والسياسية, الى ابعد مدى, لكنها لم تتساهل في الهدف الاساسي (إقامة الدولة اليهودية). فتعددت التيارات داخل الحركة الصهيونية, بين الصهيونية السياسية, الى العملية, والتوليفية, والاشتراكية, والتنقيحية, والدينية, والعمومية, الى الروحية. أما الدراسة الأهم ــ برأي المحاضر ــ فهي (فكرة ما بعد الصهيونية) , المتمثلة في تحديث افتراضات الصهيونية, من (أجل مواجهة احتياجات اسرائيل, والشتات اليهودي) . وتوقع المحاضر هجرة كل يهود الاتحاد السوفييتي (السابق) الى اسرائيل, لتغدو الأخيرة, مستقرا لمعظم يهود العالم. وأوضح المحاضر بأن فكرة (الما بعد) تفترض بأن الحركة السابقة استنفدت أغراضها, أو فشلت في تحقيقها. وقد ادى الى ظهور (ما بعد الصهيونية) الحاح فكرة ان تنتهي هذه الحركة. وقد سادت في هذا الشأن اختلافات ملحوظة. ان ما بعد الصهيونية ليست حركة فكرية فحسب, بل ايضا تنعكس في السياسات الحكومية, واتجاهات بعض الاحزاب السياسية. بتأثير تخطي المجتمع الاستهلاكي, والعولمة, اساسا. ثمة نمطان لما بعد الصهيونية, أولهما يرى فيها شيئا جيدا, لكنها طبقت افكارها. وذلك عقب حرب 1967. أما النمط الثاني فيمثل ارتدادا الى ما قبل الهولوكست, وما قبل قيام الدولة. وهذا النمط ضمن نتائج حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية (1969 ــ 1970), وحرب اكتوبر 1973. حيث اثير سؤال (هل الصهيونية, حقا, تحل المشكلة اليهودية) ؟! سرعان ما تسربت فكرة الى المجتمع الى المجتمع الاسرائيلي, بقوة, مؤداها ان الصهيونية حققت اهدافها. لكن ثمة مشكلة اثيرت بضرورة تحول اسرائيل مركزا للاستنارة اليهودية. خبرة التعامل الدولي تبع سيد ياسين الكاتب الفلسطيني المعروف, محمد خالد الأزعر, محاضرا حول الخبرة الصهيونية في التعامل الدولي, حيث بين بأنه لم تكن لدى الصهيونية ــ عند قيامها ــ علاقات دولية تذكر, برغم ان العامل الدولي كان حاسما في قيام اسرائيل. ولاحظ المحاضر بأن الصهاينة نادرا ما اخضعوا علاقاتهم الدولية الى التجربة والخطأ, مع وعيهم بأن العامل الدولي شيء, وتمكن الحركة الصهيونية من التعامل معه شيء آخر. وان نجحت الصهيونية في تحويل قضيتها الى قضية دولية. ثم نجحت في استصدار (وعد بلفور) , واستقطاب تأييد معظم الدول الكبرى, فضلا عن استقطاب الصهيونية كتلة كبيرة من الرأي العام اليهودي. الى ذلك اسهمت الصهيونية بدور كبير في تغيير صورة اليهودي في العالم. بعد قيام الدولة بقرار دولي, أمكن للصهيونية ان تحجم ردود الفعل الدولية على ما تقترفه من جرائم. ناهيك عن نجاح الصهيونية في اجتذاب اعتراف دولي واسع بالكيان الصهيوني. لقد اتسم التحرك الصهيوني في المجال الدولي بالتخطيط, والثبات, والمأسسة, والتحالفات الناجحة, وتوزيع الأدوار, والمرحلية, وتعدد أدوات التعامل على مختلف القوى. لاحظ د. اسماعيل صبري عبدالله بأن الدور العربي قد غاب عن هذه الندوة, فيما تساءل السيد أمين عن سبب عدم توظيف الكفاءات العربية في الغرب لصالح القضية. وسأل د. ابراهيم سعد الدين عن ماهية ما بعد الصهيونية, وعما اذا كانت خالصة من شوائب الصهيونية. كما تساءل عن موقف الصهيونية الجديدة من (قانون العودة) , ومن حق الشعب الفلسطيني في العودة. اذ بدونهما ليست ثمة ما بعد الصهيونية. فبالغاء الأول, وبالرضوخ الثاني فحسب يتجاوزون الصهيونية. وأثني د. عبدالهادي سويف على قول سعد الدين. أما رجل الأعمال محمد يوسف, فأكد بأن الصهيونية ظلت عند ثوابتها , على مدي مئة عام. وبين خطرة شعار (لا تعامل مع الصهاينة, قبل نبذهم الصهيونية) . أين أخفقت ترأس اللجنة د. اسماعيل صبري عبدالله, فألقى عبدالقادر ياسين محاضرته عن اخفاقات الصهيونية. وقد وصف الحركة الصهيونية بأنها أكثر المؤسسات برمجة في العالم. أما مصدر قوتها الثاني, فكان اتكاءها على الدعم الامبريالي. برغم النجاحات الملحوظة التي حققتها الصهيونية, الا ان تاريخها حفل بالاخفاقات. ففي حين نجحت الصهيونية في اقامة كيانها على جزء من التراب الفلسطيني, الا ان مشروعا (من النيل الى الفرات) لا يزال مستعصيا. كما نجح الكيان الصهيوني في التحول الى مركز لادارة مواقع المال والاعلام في العالم, لكنه عجز عن التحول الى موطن انساني آمن لكل اليهود. وأشاع هذا لكيان الديمقراطية بين كل يهوده, لكن انزياح الوشاح الديني عنه ادخل العلمانيين في مواجهة مع المتدينين من ابنائه. خاصة بعد ان قوّض الانتصار الاسرائيلي في حرب 1967 الكثير من المثل الصهيونية, بمجرد ان طرح (العمل) المفاوضات مع العرب. وأضافت حرب 1973 الى هذه الأزمة عامل عجز المؤسسة السياسية الاسرائيلية. اذا كان الكيان الصهيوني قد أفلح في رص فسيفساء مجتمعه, بالالحاح على (الخطر العربي) , فإنه مع ذلك عجز عن التحول الى دولة عادية. كما نجح هذا الكيان في استنزاف العرب, وتعطيل مشاريعهم التنموية, لكنه عجز عن اسقاط المقاطعة العربية له. برغم ان وجود الكيان أعاق الوحدة العربية, الا ان الكيان عجز عن اصطناع قومية يهودية, كما استحال عليه حل (المسألة اليهودية) . في الوقت الذي نجح هذا الكيان في حماية المصالح الامريكية في الوطن العربي, الا ان الكيان لا يزال عاجزا عن الاستمرار بدون خيمة الاكسجين الامريكية. وان تحول الكيان من مجرد مخلب قط للامبريالية الى شريك صغير لها. لكن تعاظم دور الكيان جاء على حساب الصهيونية. صحيح ان اسرائيل غدت أقوى دولة في المنطقة, لكن هذه المنطقة لا تزال ترفض تلك الدولة. بعد رصده نجاحات الصهيونية واخفاقاتها, لاحظ المحاضر بأن الأولى أكبر من الثانية, وان جاءتا في مجال واحد, . وأعاد ياسين نجاحات الصهيونية الى (تردي أوضاعنا العربية) . وحصر ياسين مقومات النصر في (الحزب السياسي, القوي الفاعل, والقيادة الجسورة, المتمكنة من نظرية الثورة, القادرة على اجتراح البرنامج السياسي السليم, ونسج التحالفات المحلية, والاقليمية, والدولية) . كما نوه المحاضر بأن الصراع في صف الصهيونية لم يصل الى ثوابتها, بعد. ودعا ياسين الى تشكيل جبهة وطنية في كل قطر عربي, على ان تتحد هذه الجبهات, على مستوى الوطن العربي, وتضع برنامجا, يأخذ بدستور قوامه: (التحرير,و الديمقراطية, والتنمية المستقلة,و العدالة الاجتماعية, والوحدة العربية) . انتهى المحاضر الى انه (بدون هذا كله, لن نكون مع الكاتب الاسرائيلي, شلومو رايخ, الذي يرى بأن اسرائيل تركض من نصر الى نصر, وصولا الى هزيمتها المحتمة) . الجديد في الصهيونية عن (الجديد في الصهيونية) حاضر د. محجوب عمر, فأكد بأن للعولمة وجها اخر سلبيا ضد الكيان الصهيوني, لكن مهارات الصهاينة المختلفة تفيدهم في تجنب هذا الوجه السلبي. كما نبه المحاضر الى نجاح صهاينة في التسلل الى الجمعيات المسيحية في الغرب, وظهور نغمة (الحضارات المسيحية اليهودية) . القى المحاضر الضؤ على دعوة رئيس بلدية تل ابيب الليكودي, روني ميلو, الى حزب وسط. ورأى عمر بأن ميلو هنا التقط مؤشر المستقبل في اسرائيل. لذا رجح المحاضر التقاء (العمل) و(الليكود) في المستقبل, لتولي الحكم في اسرائيل. انتقل عمر الى الدعوة لمواجهة خطر العولمة ببناء الذات, والى ان ينظم العرب معركتهم في سوق المال, والتجارة, والمعلومات. تداخل رئيس الجلسة, فأشار الى نشأة الصهيونية, اواسط القرن التاسع عشر في اوروبا, بيهود من اوروبا, في عز صعود الامبريالية الاوروبية. واختارت الصهيونية بين اتجاهين: الرأسمالية الحرة, التي اعطت المواطنة الكاملة لليهود في بلادها. مما جعل كارل ماركس يقول: (انتهت المسألة اليهودية, لان اوروبا كلها اصبحت يهودية) . وقد جاءت الصهيونية في ظروف التعصب القومي في اوروبا, لذا رأت الصهيونية بأن اليهود متفوقون على من عداهم. فيما اعترض حمد حجاوي على دعوة المحاضر باعطاء اليهود حارة في الوطن العربي. ولم يهوّن رجل الاعمال محمد يوسف من الصهيونية, لكنه لم يضخم من دور اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة, لان أي لوبي لا يمكنه ارغام صانع القرار السياسي الامريكي على اتخاذ قرار ضد الأمن القومي الامريكي. وحذر بأن الامة العربية في غير حاجة الى الدعوة للتعقل. وسألت ناصرة الشربتلي أين اخفق الفكر العربي في التعامل مع الصهيونية. اما محمد خالد الازعر فاستهجن التهويل بالدور الذي يلعبه اللوبي اليهودي في السياسة الامريكية. أزمة الصهيونية بدأت الجلسة الثالثة من الندوة, بتقديم مدير المعهد للمحاضر, د. عبدالوهاب المسيري, عن (أزمة الصهيونية) , الذي بدأ باثارة قضايا منهجية, موضحا بان العلوم الانسانية تختلف عن العلوم الطبيعية, لاختلاف المجالين. وقد نأى المحاضر قليلا عن المناهج المادية في دراسة الانسان, حسب قوله. ورأى بان الحركة لدراسة العلوم الانسانية حلزونية, من العام الى الخاص, وبالعكس, وان الصهيونية تقع بين الحدين, الخاص والعام. لان اسرائيل دولة احتلالية احلالية, لذا فان ديمقراطيتها للمحتلين فحسب, وكذلك (اشتراكيتها) , والحقوق المتاحة فيها, ما هي الا آليات للاستيطان والعدوان, واعتبر المحاضر هذا تطبيعا معرفيا من قبل الصهيونية. وعليه يطالب المسيري بالا تتم دراسة الكيان الصهيوني كأي دولة اعتيادية, فهو يعتمد ـ تماما ـ على الولايات المتحدة, التي تدفع ما يربو على عشرة مليارات دولار, سنويا, بما يرتقى بمستوى معيشة الفرد في الكيان الصهيوني الى مستويات بالغة الارتفاع. يؤكد المحاضر بان لاسرائيل دورا وظيفيا, وان اليهود جماعة وظيفية. فلطالما عملوا في التجارة, والربا,واحيانا مقاتلين. وظل الكيان الصهيوني دولة وظيفية قتالية, حتى عام 1991, وبعد هذا التاريخ غدا دولة قتالية ـ اقتصادية. ولا يرى المسيري في العلاقة بين الغرب واسرائيل علاقة عضوية, بل علاقة نفعية. يشير المحاضر الى ان قوة الصهيونية في بساطتها (فلسطين وطن اليهود), على ان هذا لا يمنع كون الصهيونية هشة من الداخل, تحوي في داخلها جملة من التناقضات. ألح المحاضر على ضرورة رصد ازمة اسرائيل من خارجها. وحذر من توجيه الاسئلة التي يسألها الفاعل الاسرائيلي نفسه, من هنا فان رصد العرب للازمة جاء ضعيفا. اما الازمة ـ مطلق الازمة ـ فتخلق الجو الذي يؤدي الى الانهيار, لكنها ليست مرادفة للانهيار. حيث لن يتم الانهيار الاسرائيلي, الا بالفعل العربي. عن مضمون الازمة, تحدث المسيري, ورصد تعبيراتها في اولا, زعم اسرائيل بأنها دولة كل اليهود. أشار المحاضر الى الفروق بين الشرعية السياسية (شرعية الحكومة امام المحكومين), وبين الشرعية القانونية. الا في المجتمعات الاستيطانية,حيث لا شرعية الا شرعية الوجود. يعود الى التعبير الاول عن الازمة, فيرى بان صفة اليهودي قد تزعزعت تماما, منذ الخمسينات, حيث تم تعريفه, في اسرائيل, بأنه (من يؤمن بالعقيدة اليهودية, وينتمي لام يهودية) . وبينما كل دول العالم نجحت في تعريف اليهودي, فان الدولة اليهودية لا تزال مخفقة في هذا المجال. مما دفع المحاضر الى تشبيه اسرائيل بأنها (جويش ديزني لاند) ! ثاني تعبيرات الازمة, ذلك الصراع المحتدم بين اليهود الغربيين ونظرائهم الشرقيين. اما التعبير الثالث فتمثل في اليهود الانسانيين. يرى الرمز الصهيوني المعروف, ديفيد بن جوريون, بان (الصهيونية هي الاستيطان) . لذا نراه يقترح تسمية صهاينة الولايات المتحدة (احباء صهيون) , اذ لا يستحقون عنده صفة الصهيونية. اما التعبير الرابع لازمة الصهيونية, فاختفاء اليهود, بفعل الزواج المختلط,والتنصر, وبسبب اقامة اليهود في المدن,حيث يتناقص السكان, ناهيك عن تناقص خصوبة المرأة اليهودية. يلاحظ المحاضر بانه مع الهجمة السوفييتية الاخيرة, وصلت اسرائيل الذروة في حجم مستوطنيها, بعد ان تم افراغ الخزان الاكبر لليهود (الاتحاد السوفييتي سابقا). من جهة اخرى, ثمة معركة بين (العمل) و(الليكود) , حيث يطالب الاول بصهيونية ديموجرافية, بينما يدافع الليكود عن صهيونية الاراضي, حيث يطالب بالاحتفاظ بالاراضي, بمن عليها من البشر. بعد ان ادخل التوسع, بفعل انتصار 1967, اسرائيل في (الابارتهيد) . مما وضع اسرائيل في مأزق, يطالبها بالتوسع الاقتصادي, مع غياب قدرتها على ذلك. ويلاحظ المسيري بان الصهاينة انما يتوسعون, ويبنون المستوطنات بقوة الايديولوجيا الصهيونية, ليس الا. التعبير الخامس عن الازمة, الخدمة العسكرية التي ظلت, حتى حرب 1967, شرفا لليهود. اما بعد حرب 1973, فبدأ الشباب الاسرائيلي يدرك عدم انسانية الصهيونية, كما سقط وهم (الخطر العربي) . وكشفت حرب لبنان (1982) بان اسرائيل ليست مضطرة الى الحروب. عدا عن تصاعد معدلات الاستهلاك الى مستوى الاستهلاك الترفي, بحيث لم تعد معه الخدمة العسكرية ذلك الشرف العظيم. حتى ان نصف المستدعين للاحتياط, إبان (هبة البراق) (25ـ27/9/1996) لم يستجيبوا للاستدعاء. في غياب الاستيطان والتجنيد, ثمة تآكل ملحوظ في المشروع الصهيوني. ختم المحاضر استعراضه بصورة, اعتبرها رمزا للازمة, فالطرق الالتفافية في الضفة الغربية كلفت اسرائيل مئات ملايين الدولارات, والهدف منها الا يمر المستوطن اليهودي بالقرى او المدن العربية الفلسطينية, مما يؤكد استبداد الهاجس الامني بالاسرائيليين, وبأن الارض الفلسطينية ليست بلا شعب.

Email