أبجديات ـ بقلم: عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

في المثل (ليس كل ما يلمع ذهبا) وفي الحياة ليس كل ما يبهرك حقيقة, وفي عالم الكتابة والصحافة ليس كل ما ينشر أدبا يستحق القراءة, فقد ثبت ان القمر صخور ليس الا, وفي مهنتنا صحافة صفراء ودكاكين مشبوهة وادب (مواخير) كما عبر احد الصحفيين . البشر الذين نعاملهم هم مجرد اناس عاديين جدا مهما حاولوا ان يضفوا على انفسهم صفات الملائكة او يظهروا على غير حقيقتهم, او ان يضعوا على رؤوسهم هالات القديسين, تماما كما عبرت احدى الزميلات: لا توجد رموز في هذه الدنيا. المأزق نصنعه نحن في الحقيقة, وليس الآخرون, فنحن من يتوهم الملائكية فيمن نحب, ونحن الذين نرسمهم فوق صفات البشر, ولذلك تكون صدماتنا صاعقة ككرسي الاعدام الكهربائي! حدثتني سيدة كبيرة في السن, عن تجربة نضال قاسية في الحياة خاضتها لأجل تربية وتعليم ابنائها, ولن احكي لكم قصة فيلم عربي, فلا شك انكم تعبتم من هذه القصص, لكنني انقل لكم آخر عباراتها. تقول السيدة: يبدو انني كنت اعيش مع اناس لا اعرفهم, اشعر بأنني صدمت فيهم, انهم بالتأكيد ليسوا اولئك الابناء الذين راهنت عليهم بكل عمري وشتاء ايامي وامالي. اليوم بعد ان نالوا ما ارادوا اكتشفت بانني امام كائنات اخرى لا تمت اليّ بصلة, انهم يضجون شبابا ويلمعون نجاحا, ولكن (ليس كل ما يلمع ذهبا) . قلت لها: انهم كذلك منذ البداية, وانت لم تكتشفيهم, ولكنك للمرة الاولى حاولت ان تريهم بطريقة صحيحة! فنحن لا نكتشف من نحبهم او نربيهم او من نلتصق بهم العمر كله هكذا فجأة فهذا ليس منطقيا, لاننا لم نكن نعيش مع (روبوتات) او كائنات ميكانيكية, كل ما هنالك اننا بطبعنا الشرقي لا نرى او لا نريد ان نرى سوءات من نحب, ونقنع انفسنا ولو بالاكراه, بأن ضربات الحبيب كأكل السكر تماما! اذن فلماذا نشعر فجأة بأن هذا السكر اصبح مراً الى درجة لا تطاق؟ مشكلة المشاكل عدم الاعتراف بها, وازمتنا الطاغية, عدم قدرتنا على مواجهة المواقف بشجاعة وجرأة, ولذلك فاننا نراكم العيوب فيمن نحب عل وعسى ان يهديه الله, ونراكم المواقف مع اصحابنا, فالزمن كفيل بحل كل شىء, ونراكم ونراكم, ثم نقول لقد اكتشفنا فجأة بأنهم سيئون وانهم بشعون و... ولا نقترب ابدا من زاوية الاعتراف بأننا ضعفاء جدا, وان الحاجة المريضة لمن نحب, تجعلنا نقبلهم بكل عللهم, فاذا جاء وقت لم يعد لنا طاقة على التحمل انفجرنا باعلان الاكتشاف العظيم. نحن لا نقول برداءه العالم حولنا, ولا بطغيان السوء, فالعالم مازال في خير, طالما ظلت قلوبنا نابضة بالحب والالم والشوق والقدرة على اعطاء الفرح وصناعة السعادة, ولكن الابحار بعيدا الى شواطىء العوالم السحرية... يبدو احيانا مغامرة جميلة ولكنها غير مأمونة العواقب.

Email