أبجديات :بقلم - عائشة إبراهيم سلطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

نبضنا الثقافي عال جدا, وحياتنا الفكرية تغلي على فوهة بركان لم يعد خامدا. وكل الذين يتحدثون همسا او علنا عن الركود, والاخفاق والنهاية والزمن الرديء , ويعطلون انفسهم ويتباعدون عن امة تحصي اكثر من 250 مليون متجذر في التراب والفضاء العربيين عليهم ان يتخذوا مواقف اكثر حدة ونفعا من مجرد الفرجة والهمس. اليوم يتعالى نبضنا الثقافي على اكثر من صعيد, كلها تقود الى الاعلام ــ المرئي منه والمقروء والمسموع ــ ودون تشنج نحاول ان نقرأ الخارطة الاعلامية بذاكرة الكاريكاتير, فان كان في مقدورنا فلنقذفها بحجر او اكثر, علّ القيامة في البحيرات الراكدة تبعث الحياة في قلوب الموتى وقلوب المحنطين معا. اعد ما معي من احجار فأجدها خمسا, لا ادري ان كانت كلها او بعضها سيصيب الهدف, المهم ان نشهد معا قيامة البحيرات! تستخرج بعض مجلاتنا (الفنية وغير الفنية) وجوها غريبة من قيعان التردي والخيبات الفنية, وتقدمها لنا على انها اصوات غنائية جديدة, وكأنها تتحدى اجمل قلاعنا وحصوننا التي نحتمي بها من طوفان هذه الاصوات, التي يبشروننا وبفجيعة ما بعدها فجيعة بانها ستكون ذائعتنا الفنية المقبلة. (طقاقات الاعراس وجلسات الانس والخيام) اتكون الواحدة منهن مصيرنا القاتم وهويتنا الفنية المقبلة؟ ولا ندري لماذا الاصرار دائما على اقحام رمز فائق الجدارة مثل فيروز في احاديث ومهاترات مفجعة كهذه التي تجري على الصفحات في غيبة وعي وجدانية واعلامية عجيبة؟ سؤال لمن يهمه الامر. يبدو ان قناة (...) هي جزء من شبكة منوعات الانترنت اكثر منها قناة اعلامية ذات رسالة محددة, لذلك فانت تجد عليها برامج لا علاقة لها بالرسائل الاعلامية التلفزيونية العربية وغير العربية, فأنت اليوم مدعو للعب مع شبكة الكلمات المتقاطعة, ومعرفة ما تهمس به الابراج! وقضاء وقت ممتع مع لعب البلياردو, وغدا سنلعب الكوتشينة والبوكر وسنتعرف على اصدقائنا الجدد, وسنطلب البيتزا وسنتقدم بطلبات شراء لوازم المطبخ والحديقة وحفلات الباربكيو, فهذه ربما من مخططات المحطة المقبلة. نريد ان نعرف ما هي هوية المحطة, اهي قناة اعلامية ذات رسالة هادفة, ام هي قناة دعائية ترفيهية تسويقية... لا اكثر؟ بعدما كلّ الصحافيون والكتاب وملوا من الكتابة حول الديمقراطية والاعلام والفضائيات, كافأتهم هذه على طول صبرهم ببرامج من مخلفات الديمقراطية الزاعقة على طبق ليس من ذهب طبعا, فصار مصيرنا ان (ننعم) ببرامج على شاكلة البعد الرابع والاتجاه المعاكس والرأي والرأي الآخر. في الخط نفسه فان سلة الاعلام لا تتوقف مفاجآتها, وعليه فالخلاف يشتد حول تلك اللقاءات التلفزيونية مع رموز الحكم والثقافة في اسرائيل بحجة (اعرف عدوك) فهل هناك عربي واحد لم يعرف بعد من هو رابين وشامير ونتانياهو ومتطرفي المستوطنات وقاتل المصلين في الحرم الابراهيمي و... الخ؟ اذن ففي جانبي الرقعة العربية مياه كثيرة, ليلق بنفسه في اكثرها برودة وعمقا وليرحنا ويرح نفسه. يكون قدرك احيانا ان تصبح دون كيشوت, وان تحارب الطواحين, ولكن اي قدر هذا الذي يدخلك في معارك حول البديهيات, وتحصيل الحاصل, هل بعد هذا العمر يسأل بعض المثقفين العرب هذا السؤال الفاجعة؟ كيف يجب ان يكون موقفنا من اسرائيل في المرحلة المقبلة؟؟!!

Email