مع الناس: بقلم - عبد الحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

الشركات التجارية والمصارف والمصانع وغيرها تواجه مصيرها وتحدياتها بالاندماج, سواء كانت كبيرة فتصبح أكبر أو صغيرة فتصبح كبيرة , على أن الكبيرة منها تحتاج للدمج أكثر للوقوف في وجه المنافسة ولتوسيع الأعمال معاً, على النحو الذي أوضحه مؤخراً عبد الله صالح, العضو المنتدب لبنك دبي الوطني, والمتحمس للدمج والداعي له. هذه المرة زاد عبد الله صالح فتحدث لأول مرة عن محادثات يجريها البنك للإندماج مع بنك آخر, هو على الأرجح كما تتوقع مصادر ومراقبون بنك الامارات الدولي, وربما ينضم إليهما بنك دبي التجاري أيضاً, فحرك حديث الدمج هذا ساحة المصرفيين والمعنيين بالشأن المالي والاقتصادي في الدولة, كما حرك سوق الأسهم قليلاً فرفع سهم بنك دبي الوطني 40 درهما مرة واحدة. ولو اكتملت خطوة البنك الرائدة فتم الاندماج, فالمتوقع أن تخطط بنوك أخرى, سواء كانت مساهمة أو خاصة, في الاتجاه نفسه, لتلحق بحركة الدمج شركات تجارية ووكالات عريقة, بما فيها شركات عائلية يتعرض بعضها اليوم إلى الانقسام والتشظي بسبب خلافات بين المالكين أو الورثة, مما يهدد أعمالها بالضعف وكيانها بالانحلال والذوبان. طبعا عندنا عشرات من المصارف وشركات التأمين وغيرها من مؤسسات تجارية صغيرة بالكاد تستطيع الواحدة منها اليوم تحقيق عائدات تكفي لمتطلبات وجودها ومصاريفها الادارية, فإذا تمكنت من ذلك كان هامش ربحها هزيلاً إلى درجة أن أي سوبر ماركت يتفوق عليها في الأرباح السنوية, فيكون الدمج خيارا لامفر منه لمثل هذه الشركات إذا أرادت البقاء والنمو والاستمرار في السوق. فإذا أضفنا عنصر المنافسة الأجنبية لهذه الشركات والمصارف, سواء كانت من مصارف وشركات تأمين ومؤسسات أجنبية تمارس نشاطها عندنا بكل حرية وتتمتع بتسهيلات تصل إلى مستوى تسهيلات الشركات الوطنية, فإن وضع شركاتنا الوطنية المملوكة من أفراد أو مساهمين, أو كانت محدودة أو عامة على السواء, هو وضع صعب ويزداد صعوبة مع الأيام, لأن المراكز المالية في الأساس التي تتمتع بها المصارف والشركات الأجنبية أقوى, مما يمكنها من الصمود والمنافسة بقوة, مقابل المراكز المالية المتواضعة لبعض شركاتنا الوطنية. لذلك ففي ساحة اقتصادية تقوم على حرية الاقتصاد بالمطلق ودون أدنى نوع من الحماية, فإن الدمج يصبح ضرورة لكثير من الشركات الصغيرة والكبيرة معاً, فالصغيرة تحسن مستوياتها وتقوي مراكزها ووجودها, والكبيرة توسع أعمالها وتحسن خدماتها وتطور مجال نشاطها ومركزها التنافسي, وهذه الضرورة لهذا السبب تحديدا تكون أكبر مما هو الحال في دول غربية مثلاً التي تحكم نشاطها الاقتصادي ضوابط لصالح الاقتصاد الوطني ومع ذلك فإن حركة الاندماج بين شركاتها العملاقة لا تتوقف. ونعود لخطوة الدمج المرتقبة بين بنك دبي الوطني وآخر بعد إكمال المشاورات والمباحثات ثم الدراسات اللازمة, فنختم بأن خطوة رائدة وعملاقة منتظرة في ساحتنا الاقتصادية سوف تكون مفصلاً من مفاصل التطور الطبيعي, ونحن نخطو إلى القرن المقبل بعدة تساعدنا على المنافسة واستمرار التطوير, وعلى صعيد البنكين المندمجين فهي خطوة تحقق لهما معاً التكامل والقوة, حين يندمج المال والخبرات مع الادارة وحسن الخدمات, فنكون أمام بنك وطني جديد, هو بنك المستقبل.

Email