أزمة كلينتون وبزوغ نجم أولبرايتن بقلم : جيم هوجلاند، كبير كتاب الواشنطن بوست

ت + ت - الحجم الطبيعي

للمرة الثانية خلال ربع قرن, تواجه قيادة أمريكا للشؤون العالمية أخطار تقويضها تحت وطأة جلبة سياسية داخلية. إلا أن الحصار الإعلامي للمكتب البيضاوي لا يجب أن يسبب تشويشاً على الضعف الأمريكي في السياسة الخارجية. فهذه هي اللحظة التي يجب أن تظهر فيها الدبلوماسية الكبرى, وهي اللحظة التي تتطلب جهداً مركزاً وملموساً لكي تجمع معاً الخيوط الرئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية في خط واحد أكثر تماسكاً والتصاقاً. فهذه في الحقيقة ساعة أولبرايت. فخليط من الظروف الراهنة ومهارتها الشخصية يجعلان منها حالياً الشخصية الرئيسية في إدارة كلينتون, ويعطيانها الفرصة للوصول لهدف بعدت عنه طوال عامها الأول بالإدارة ألا وهو ترك بصمتها الشخصية على السياسة الخارجية للولايات المتحدة. ولقد عبرت أولبرايت عن تلك الرغبة المهمة عدة مرات عندما شكلت فريقاً من الأشخاص الأكثر احتراماً والأكثر ديناميكية وطاقة بالطابق السابع لوزارة الخارجية. إلا أنه حتى الآن ظل دورها الخاص محصوراً في توضيح السياسة أكثر من إدارتها ووضع لمحات أصيلة خاصة بها. والظروف تغيرت تماماً بالوقت الحالي, فلقد أوضح الرئيس كلينتون بجلاء بأنه سيقاتل بقوة وعلى قدر ما يستطيع للبقاء بالسلطة. فاهتمامه وطاقته سيذهبان بعيداً عن ساحة السياسة الخارجية التي لم يكن منشغلاً بها تماماً بأي حال. فهو الآن ربما يحتاج لنائب عنه للشؤون الخارجية وهو الأمر الذي طالما رفضه من قبل. ففي خلال فترة ولايته, قاوم الرئيس بقوة نقل المسؤولية الكاملة للسياسة الخارجية لأي شخصية أخرى بقدر ما رفض في نفس الوقت أن يصبح رئيساً للشؤون الخارجية. فمستوى خيارات إدارته في هذا الشأن أظهرت أنه لم يكن يريد هنري كيسنجر آخر بشخصيته المسيطرة ومهارته السياسية التي تضغط على يد كلينتون فيما يتعلق بالقضايا الخارجية. ووضع كلينتون أولبرايت في وزارة الخارجية لأسباب يعود جزء منها للتاريخ حيث انها السيدة الأولى التي تتولى تلك الوزارة. كما أنه كان متأثراً بتعبيرها الصريح والقوي عن السياسة الخارجية في الحواراث التلفزيونية. وتردد كذلك ان ارتياحه الشخصي تجاهها لكونها شخصاً يظهر كشخصية مبدعة أكثر من الرئيس ولن يعبر عن إزدرائه ورفضه علناً عندما لا يأخذ الرئيس بنصيحته وضعاً في الاعتبار بشكل كبير. لكن حالة الرئيس الراهنة تهدد بايجاد فراغ في القمة فضلاً عن أن هناك العديد من المشاكل الخارجية الرئيسية تطل برأسها, ولن يجدي عمل الفريق الهادئ والمشاورات الداخلية بين الوزارات في إزالة الشكوك حول التدخل والهدف الامريكي في الخارج. ومن هنا فان الفرصة والحاجة لدور أكبر وبارز لوزارة الخارجية في السياسة الخارجية يبدو متاحا أمام اولبرايت لكي تمسك به. ولقد بدا شعورها بالحاجة لتأكيد سلطة وزارة الخارجية حتى قبل ان تتمكن مونيكا لوينسكي ذات الـ 24 عاما من هز البيت الابيض من أساساته. ولقد بدا واضحا كذلك للعاملين بالادارة خلال الاسابيع الاخيرة شعورها بأن الوقت قد حان لكي تقدم على التحرك. والمثال الاكثر قوة على ذلك هو ما حدث مع اندلاع الازمة المالية الآسيوية العام الماضي حيث ساد القلق كبار المسؤولين بالخارجية من ان وزارة الخزانة تتخذ القرارات وتعلن عن المواقف حيال آسيا بأقل قدر من الاعتبار للخارجية وللبنتاجون بالرغم مما تحمله تلك القرارات من مضامين على صعيد الأمن والاستقرار العالميين. فقرار وزارة الخزانة المبكر بعدم مساعدة تايلاند احدث حالة استياء في تلك الدولة الحليفة للولايات المتحدة. ونفس الوضع كررته وزارة الخزانة تجاه الازمات المتحركة بسرعة كبيرة في اندونيسيا وكوريا الجنوبية ثم ابلغت وزارة الخارجية بالحقيقة فيما بعد. وفي واشنطن, فان واحدا من المؤشرات الاكثر وضوحا على الاحتكاك بين الوزارات هو الاصدار المفاجئ لتأكيدات علنية على انه لا توجد وزارتان عملتا معا عن قرب طوال تاريخ الجمهورية. ففي اجتماع غير عادي مع أربعة من كتاب الأعمدة في واشنطن يوم 23 يناير, اكدت اولبرايت ووزير الخزانة روبرت روبين على مدى السلاسة والتعاون المشترك الذي عالجته به اقطاعياتهم الازمة في آسيا. ثم توجه الاثنان بعد ذلك لأول اجتماع للادارة الامريكية ترأسه كلينتون بعد ازمة لوينسكي وبعده خرجت اولبرايت لتدافع عن الاتهامات الموجهة لكلينتون بأنه زير نساء وكذاب. وروبين الذي مارس سلطة بلا قيود وحظي باعتبار وأهمية في الامور المالية, كانت لديه أمور اكثر أهمية في مكان ما ولم يظهر امام عدسات المصورين. وذات مرة, وصفها منافس قوي بأنها (ضد الرصاص) في وظيفتها بسبب جنسها, وهي اليوم ودفاعها القوي عن كلينتون من اكثر الامور الجوهرية للرئيس. فهي لن تحتاج للقلق بشأن الدخول المستمر على الرئيس الان او القلق بشأن فرصة رسم الاجندة الدولية. وأقول لبيل كلينتون, ان التاريخ ربما يكون قد أتاح لك فرصة للتعامل مع مادلين كيسنجر.

Email