مع الناس:بقلم : عبد الحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

افتقدنا هذا العام الجلسات الرمضانية المفيدة التي تثار فيها قضايا وموضوعات تهم المجتمع على النحو الذي شهدناه الاعوام الماضية , ولم نحظ في رمضاننا الحالي بمثل هذه الجلسات العامرة بالنقاش, باستثناء القليل ومنها اخيرا جلسة اعضاء هيئة التدريس بالجامعة في خيمة محمد بن خليفة بن حاضر, مما سأعود اليه. ونقول عسى المانع خيرا, على طريقة الرسائل قديما حين تتأخر ردودها عن مرسليها فيخاطبون الطرف الآخر بهذه الجملة, لولا خوفي بالنسبة لمجالسنا الطيبة المفيدة ان تكون موانعها ليست خيرا, كأن يكون هناك عزوف لدى اصحابها والمترددين عليها, خاصة النخبة المتعلمة والمثقفة عن اثارة قضايا المجتمع اما يأسا من الاصلاح وإما خوفا, وان كنت استبعد هذا الخوف, واما لان هناك جاذبية في مواقع اخرى شدت الانتباه عن هذه المجالس فسحبت زبائنها ضمن ما سحبت, واقصد بها تحديدا الخيام الرمضانية الفندقية. واستبعد الطقس البارد مثلا, فهذا عامل محرض على المجالس حيث يأنس الانسان بآخرين إلى درجة الدفء, واستبعد معه خيام الشيشة, فأبقى مع عامل اليأس الذي يعني الاحباط الذي يصيب فئة من المجتمع, فتنأى عن شؤونه إلى الشأن الشخصي والذاتي, وتنقلب إلى اللامبالاة والفرجة, مما أرجو ألا يكون صحيحا. وأعود إلى مجلس بن حاضر الاخير الذي اثار فيه عدد من اعضاء هيئة التدريس بالجامعة مجموعة من المعلومات والحقائق وهم يناقشون واقع الجامعة اليوم, وهي حقائق مذهلة نكاد نعرف بعضها لأول مرة, كما اننا لم نكن لنعرفها لولاهم, فذكرونا بالمثل: (اللي في الجدر يطلعه الملاس) . وهكذا فقد عرفنا من (الملاس) ان ميزانية البحث العلمي في الجامعة تصل إلى واحد بالالف, وهو رقم متدن لا يتناسب اطلاقا مع دور الجامعة المطلوب في خدمة المجتمع والطلاب كما في خدمة البحوث والدراسات الخاصة بها, ومع ان الاساتذة لم يطرحوا حلا باستثناء زيادة هذه الميزانية, فان حلا سبق ان طرحه معالي نهيان بن مبارك رئيس الجامعة جدير بالتطبيق وهو ان ينشأ صندوق لابحاث الجامعة يموله القطاع الخاص بالتبرعات أو بالدعم الثابت. اما الحقيقة المذهلة الاخرى فهي تناقص عدد الخريجين من الشباب, فهؤلاء كانوا 287 طالبا عام 81 مقابل 272 فقط عام 96, ما يعني ان هناك عودة إلى الوراء في نسب الخريجين من الذكور جديرة بالبحث والتقصي, اضافة إلى ارتفاع عدد الطالبات مقابل عدد الطلبة, غير ان الاكثر خطورة مثلا هو الا يكون في كلية التربية حاليا أي طالب, ما يعني انها كلية خاوية على عروشها, أو مغلقة عمليا. طبعا هذا الامر غريب تماما في بلد يسعى إلى توطين التدريس, حيث لا يوجد حاليا سوى 525 مدرسا مواطنا ضمن عدد المدرسين الاجمالي البالغ 26 الف مدرس ومدرسة, فيما كلية التربية خاوية, ما يعني ان هناك عزوفا شديدا عن الاقبال على هذا التخصص الذي بالتالي سيؤدي إلى استحالة توطين هذا القطاع. ونعرف ان قطاع التعليم لا يمكن توطينه وتشجيع المواطنين على الاقبال عليه والتخصص فيه طالما ان رواتب المعلمين متدنية والاغراءات غير موجودة, فعلاج هذا أولا يحقق بقية الاهداف, لولا اننا لا نبحث عن حلول في هذه الزاوية بقدر ما نطرح الارقام والحقائق من التي اثارتها جلسة رمضانية, ويظهر منها مدى ارتباط قضايا المجتمع, وهي حقائق لم نكن لنعرف بعضها من دون هذه الجلسة الطيبة. ويمكن لاعضاء هيئة التدريس تنظيم مؤتمر سنوي لبحث قضايا الجامعة والمجتمع معا, فيفيدون بمقترحاتهم وآرائهم وبحوثهم كافة القطاعات, غير ان شكوى هؤلاء المرة حاليا, ان المجتمع لا يستفيد من هذه النخبة التي يصل عددها إلى حوالي 800 مدرس واستاذ, فهم ليسوا اكثر من مدرسين, لا كفاءات علمية أو باحثين, فنعرف أن هدرا من نوع ما نرتكبه بأنفسنا في حق المجتمع كله, بتعطيل وظيفة هذه النخبة.

Email