مــع النــاس:بقلم - عبد الحميد أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس على عضو المجلس الوطني الاتحادي من حرج اذا توجه بالنقد لوزارة من الوزارات, أو عبر عن رأيه عن أداء مؤسسة أو دائرة أو كشف عن خلل وقصور ما في خدمة من الخدمات التي تعني المواطنين, فذلك من صميم دوره وفي صميم حقه ايضا كعضو في هذا المجلس . لذلك فرئيس الدولة خاطب أعضاء المجلس عند استقباله لهم أول أمس قائلا انهم يتمتعون بالحرية الكاملة في التعبير عما يرونه لخدمة الوطن, ما يعني ان عضو المجلس يستطيع ممارسة دوره البرلماني بحرية تامة, ومن دون الشعور بأي ضغط او خوف او حرج او مساءلة عما يقوله او يعبر عنه, طالما ان ما يقوله او يتحدث عنه يصب في مصلحة البلاد والعباد. هذه الحرية هي جوهر العمل النيابي, وصحيح ان مجلسنا الوطني غير منتخب, الا ان ذلك لا يعني الحد من صلاحيات هذا المجلس أو أعضائه في التعبير عن قضايا الوطن وفي مناقشة شؤون المواطنين وهمومهم والبحث في تحسين مستواهم ورقيهم, بل والمطالبة بتنفيذ الخطط والمشروعات التي تلبي طموحاتهم, علاوة على دوره في وضع القوانين وسنها وتشريعها ومراقبة تنفيذها, فمجلس من دون حرية ديكور لاأكثر. لذلك فزايد الذي خاطب المجلس بتمتعه بالحرية زاد وطالب الاعضاء بالاجتهاد, وهو درجة اعلى من حرية التعبير, لأن الاجتهاد والابتكار والتفكير والاقتراح تحتاج فعلا الى اطمئنان فيستطيع المجتهد ان يجاهر باقتراحه واجتهاده وان يقدمه وهو مرتاح الفكر والبال, في انه لن يتعرض للوم أو توبيخ أو غضب, وفي هذا درجة عالية من الحرية. غير ان المجتهد في الرأي والفكرة والمشروع والتصور والاقتراح عليه الا يفرض رأيه ويتزمت له, فيعتبر أن الأخذ باقتراحه نصر مبين وعين العقل والحكمة وعدم الاخذ به هزيمة ساحقة او ظلم او مخالفة للعقل فذلك مما يوقع المجتهد في التصلب والتشدد وفرض الرأي الواحد, مما يتناقض مع جوهر الحرية وقيمتها, وهو يكفيه من عمله ووطنيته ان يكون قد اجتهد وفكر بحرية ومن دون خوف, ففي ذلك مشاركة تحسب له كمواطن يخدم بلده. ولهذا تحديدا فان رئيس الدولة سارع من بعد مطالبة الاعضاء بالاجتهاد الى القول اذا كان هناك رأي لم تتم الاستجابة له فإن التاريخ سوف يسجله, ما يهون على الاعضاء عدم الاستجابة لمقترحاتهم في حال حدوثه, مع حفظ التقدير لهذه الاقتراحات, طالما انها لن تنسى وسوف تتذكرها الاجيال, كعمل من اعمال المجلس الذي لم يبخل في يوم بالرأي والمشورة والاجتهاد. اما بعد هذه التوجيهات والمطالبات من رئيس الدولة شخصيا, وبصفته رأس السلطة السياسية والحارس الامين على مصلحة الوطن, فان عضو المجلس الوطني الاتحادي الذي يمثل المواطن ويحمل صوته وهمومه داخل المجلس وهمزة الوصل بينه وبين السلطة التنفيذية, مطالب بممارسة هذه الحرية والانطلاق منها وبها للتعبير عما يجيش في صدور مواطنيه من هموم وأحلام معا, كما هو مطالب بالاجتهاد والتفكير لما فيه خير المواطن, فيكون هذا قد مارس حقه الدستوري الذي يحميه ويكفله رئيس الدولة نفسه كما يكون قد مارس دوره المنشود كعضو في المجلس, وفوق ذلك يكون قد اقترب من أن يكون صوت المواطن, فلا يفرق كثيرا أكان هذا منتخبا مباشرة أو معينا, طالما أنه قادر على ممارسة هذا الحق كعضو في المجلس واداء هذا الواجب في الوقت نفسه.

Email