«دار العين» وإمكانيات السياحة البيئية في تونس

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما تعشق الطبيعة وتهوى ممارسة الرياضة الجبلية على أنواعها، قد يؤول بك الأمر إلى إطلاق مبادرة تجمع فيها كل ما تحب. هذا ما حصل مع رانيا واسكندر اللذين وجدا في السياحة البيئية حلاً لتوفير الوظائف «الخضراء» والمساهمة في النمو المحلي والمستدام لتحقيق حلم بتونس أفضل.

فلا بد من الإشارة إلى أن السياحة البيئية التونسية هي قطاع يعجّ بالإمكانيات نظراً لثراء وتنوع الموارد الطبيعية. ومنذ عام 2013، تُبذل العديد من الجهود لتوفير بيئة قانونية ومالية واقتصادية ملائمة لنموّها.

ومن بين هذه الجهود الفردية، ولدت «دار العين» بالإشارة إلى منطقة عين دراهم ويُعرف عنها اسكندر الرقيق، المؤسس الشريك أنها «شركة ناشئة للسياحة البيئية والترفيهية في شمال غربي تونس تتخذ من طبرقة مقراً لها».

وعن هذه الفكرة، يتابع اسكندر قائلاً: «دار العين كانت مشروع نهاية دراسة المؤسسة الشريكة رانيا التي هي أصلاً من منطقة دار دراهم وحازت شهادة في حماية البيئة والنمو المستدام إضافة إلى أنها مرشدة محلية في منطقة جندوبة». وطوّر الشريكان الفكرة لتتبلور إلى مشروع واقعي في السياحة البديلة من أجل توفير فرص اكتشاف جمال وثروات هذه المنطقة.

تُقدم «دار العين» باقة من النشاطات الخارجية التي تُحاكي كل الأذواق إذ يستطيع الفرد أو المجموعات تنظيمها وتشخيصها بما يتناسب مع رحلتهم. إضافة إلى هذه النشاطات، أطلقت «دار العين» شبكة من غرف استقبال الزوار والمطاعم المضيفة الصغيرة لتجربة فريدة من نوعها.

فقد استحدثت 10 غرف عند عائلات محلية إضافة إلى 30 مأدبة طعام تتوزع على مدار مسارات المشي ونشاطات السياحة البيئية إضافة إلى متجر لعرض منتجات الحرفيين والمنتجين المحليين.

فميزة هذا المشروع تبقى أنه يعتمد على دمج السكان المحليين بفضل مشاركتهم في النشاطات السياحية البيئية المولدة للعائدات بفضل تسليط الضوء على مهاراتهم والمنتجات المحلية في المنطقة. وهنا يضيف اسكندر «هذا التعاون ينعكس بمسارات سياحية بديلة تجمع الحرفيين والمنتجين الصغار بالمواقع الطبيعية والتاريخية».

حتى الآن، استفاد نحو 30 حرفياً، غالبيتهم من النساء اللواتي يهتممن بـ«بغرف وطاولات المضيف» إضافة إلى مرشدين محليين ومنتجين للمنتجات البلدية. وعن النساء الحرفيات، يقص لنا اسكندر قصص بعضهنّ اللواتي تحوّلن إلى أساس «دار العين».

فيطلعنا «حدّة، حرفية متخصصة بالفخار تهتم بمشغل خمير للفخار (تيمّناً بجبال خمير في شمال غربي تونس) وهو الأقدم في المنطقة وكان ملكاً لوالد زوجها الذي علمها كل مهاراته والتقنيات».

ويضيف اسكندر «دار العين تعد هذا المشغل كمحطة زيارة أساسية خلال المسارات كما أن حدّة تعد مثالاً يحتذى به لأنها على رغم ظروف الحياة الصعبة في الغابة وصعوبات الحصول على المواد الأولية وإحضار الخشب لإشعال الأفران التقليدية إلا أنها صامدة لإبقاء نبض هذا المشغل وإحياء هذه الحرفة التقليدية التي توارثتها الأجيال».

خالة دزاير، هذه الريفية الفقيرة من جبال خمير مفعمة بالحياة وقررت، من أجل حفيدها، أن تتحدى طبع زوجها وإحراج أولادها والعادات والتقاليد لتهتم بمطعم صغير وتؤمن استقبال الزوار وتقدّم أشهى الأطباق التقليدية. وهنا يضيف اسكندر «هي اليوم المفضلة لدينا وعائلتها فخورة جداً بها وحتى زوجها يساعدها على تأمين كل الطلبات».

هذا التعاون هو إحدى الوسائل لتطوير السياحة البيئية في تونس؛ سياحة بغاية الأهمية بالنسبة لاسكندر ورانيا. ويشرح لنا اسكندر «منطقة الشمال الغربي وتحديداً منطقة جبال خمير هي منطقة غنية بطبيعتها وإنما أيضاً بتراثها الثقافي والاجتماعي والتاريخي. وحتى الآن، لم تستغلّ السياحة هذه الثروات للمساهمة في تطوير المنطقة. ومن أجل تجنب سوء استغلال هذه الموارد، لا بد من قطاع مسؤول وهنا يأتي دور السياحة البيئية».

سياحة بيئية بدأت تلقى اهتماماً واسعاً إلا أنها تواجه بعض العقبات حيث يخبرنا اسكندر «ما زلنا نعاني من نقص في القوانين وغياب الاستثمار في هذا المجال ناهيك عن العقبات الإدارية لإنشاء مؤسسات توفر خدمات السياحة البيئية».

إلا أن الأكيد هو أن «دار العين» وغيرها من المبادرات للسياحة البيئية ليست فردية لا بل يمكن بلورتها. فيُطلعنا اسكندر «دار العين هي مبدأ لتطوير السياحة البديلة يمكن تكراره في كل أرجاء تونس ولا سيما في مناطق ذات إمكانيات سياحية».

 

 

Email