تعليم اللاجئين سبيل جديد للارتقاء بهم

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في إحدى مقولاته، رأى نيلسون مانديلا أن التعليم هو السلاح الأقوى الذي يمكننا استخدامه لتغيير العالم، أما مالكولم إكس، فاعتبر أن التعليم هو جواز سفرنا للمستقبل. كما تذكرنا مجموعة من الأقوال العربية المأثورة بأن علينا السعي لاكتساب المعرفة المفيدة، التي تحفظنا من الأذى وترتقي بنا كأفراد.

لا يحتاج الأمر لمزيد من التوضيح، رغم أن التعليم وطلب المعرفة يثريان أنفسنا ويمنحان أذهاننا القوة والقدرة على الارتقاء بالعالم، ويدفعاننا لنصبح أفضل، إلا أن التعليم الرسمي لم يصبح بعد حقاً أصيلًا لكل طفل في هذا العالم.

ويمكننا أن نرى اليوم، في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، مجتمعات مهمشة ومحرومة لا تحظى إلا بالقدر اليسير من التعليم، كما نشهد، ونحن في عام 2018، مناطق حرب يجري فيها استغلال الأطفال وتعريضهم للإساءة، بدلاً من إتاحة الفرصة لهم للتعلم والنمو.

يبدو الخطر داهماً؛ فإذا فشلنا في توفير التعليم لهؤلاء الأطفال، فإنهم سيصبحون عرضة ليكونوا الجيل الضائع في العالم العربي. ويبقى السؤال، ما هو المكان المتوقع لهم في المجتمع إذا كان جلّ ما يفعلونه هو أنهم موجودون فحسب؟

وفي هذا السياق، وصفت تارا شوهم، الباحثة بشبكة التغذية في حالات الطوارئ، في حديثها للبوابة الإلكترونية «بوسيتيف نيوز» طبيعة الحياة التي يعيشها اللاجئون السوريون في مخيماتهم بالأردن، خلال العامين الماضيين، وقالت شوهم «إن المرافق التعليمية محدودة، حيث يلجأ العديد من الآباء الذين يواجهون صعوبات مالية إلى تزويج بناتهم المراهقات وإرسال أطفالهم للعمل بدلاً من المدرسة».

صحيح أن هذه المشاكل كبيرة ومتعددة ومعقدة، لكن دعونا نعود خطوة إلى الخلف ونفكر للحظة؛ عند التفكير في أي جانب آخر من جوانب الأعمال التجارية والتجارة الدولية أو في أي سلوك استهلاكي ما، فإننا سنتجه للسؤال حول كيف يمكن للتكنولوجيا أن تؤثر على مسيرة التقدم.

وفي سياق بحثنا، فإن السؤال هو ما إذا كان يمكن استخدام التكنولوجيا للمساعدة في تعليم اللاجئين العرب في اليمن وسوريا والمناطق الأخرى؟ تجيب منظمة «تيك ريفيوجيز» غير الربحية بأن ذلك ممكن. وتعمل هذه المنظمة التي تأسست حديثاً على تنسيق التزامات ومساهمات مجتمع التكنولوجيا في مجال تطوير الحلول الخاصة بمشكلات استخدام التكنولوجيا الحالية لدى اللاجئين.

ووفقاً لما أعلنته المنظمة، فإنها وجدت طموحات جامعية محدودة في صفوف اللاجئين الراشدين، الذين لم يحظ العديد منهم إلا بالحد الأدنى من التعليم، حتى في مهارات لغتهم الأم، لكنهم رغم ذلك، يرغبون في أن ينجح أبناؤهم وبناتهم في حياتهم الأكاديمية، كما أن معظمهم على استعداد للتضحية بأهدافهم التعليمية والمهنية في سبيل ضمان التعليم وفرص العمل الجيدة لأبنائهم.

ولا بد كذلك من الإشارة إلى أهمية الدور الذي يلعبه الشباب في عملية تأهيل اللاجئين للانخراط في المجتمع؛ حيث يسعى العديد من اللاجئين العرب حالياً إلى إدماج أنفسهم في المجتمعات الأوروبية، وتلفت «تيك فيوجيز» في هذا المجال إلى أن الأطفال الصغار في أسر اللاجئين سرعان ما يتكيفون مع اللغات غير العربية، ما يؤهلهم ليكونوا مترجمين أساسيين للعائلات في كثير من الموضوعات الخارجة عن نطاق خبراتهم. وعليه، فكيف يمكننا الاستفادة من هذا الجانب الإيجابي من واقع اللاجئين؟

باتت خدمات التعلم عبر الإنترنت وبرامج التعليم الإلكتروني المصممة لتكون أكثر تفصيلاً وملاءمة للسمات والمهارات الفردية، واسعة الانتشار بطبيعة الحال. لكن استنساخ هذا النهج في مجتمعات اللاجئين لا يكون بمجرد توزيع أجهزة الحاسب المحمولة عليهم وانتظارهم لاستخدامها بهذه البساطة.

وحيث عانى هؤلاء المواطنون العرب من النزوح أو اللجوء بشكل أو بآخر، فإنهم يحتاجون للمشورة والتوجيه المهني، بالإضافة إلى حاجتهم للشعور بالروح المجتمعية وما تمدّهم به من تشجيع وتحفيز.

لذلك، أطلقت منظمة «أمل للتعليم»، وهي منظمة غير ربحية تعمل في مخيم مدينة كلس جنوبي تركيا، برنامج «التعليم الإلكتروني من أجل سوريا». وتقول مديرة المنظمة، إيزابيلا شياري، إن المنظمة لاحظت وجود نقص كبير في مهارات استخدام الحاسوب التي تعتبر أساسية إلى حد كبير.

ويساعد برنامج «التعليم الإلكتروني من أجل سوريا» اللاجئين على كتابة سيرهم الذاتية وتعزيز مهاراتهم في اللغة العربية والأدوات البرمجية الأساسية الأخرى التي صممت لدعم الأفراد في الاندماج بمختلف مجالات سوق العمل. ورغم معاناة العديد من اللاجئين من الجوع، إلا أن المفارقة تكمن في أنهم سيمتلكون هاتفاً ذكياً وفقاً لشياري التي تعتبره هي وأعضاء فريق التعليم «نقطة بداية» لتعليم جوانب أوسع من التكنولوجيا.

قد يبدو غريباً القول إن قائمة الأمنيات للاجئين، سواء العرب أو من أي وطن كان، تتضمن: ملابس نظيفة ووجبة شهية ومكاناً للنوم وجهاز حاسوب متصلاً بالإنترنت يتضمن التطبيقات الأساسية المفيدة.

 أدريان بريدجواتر - باحث اجتماع

 

Email