قطاع تقنية المعلومات السعودي قادم بقوة

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا أدمجنا الابتكار السعودي مع القدرات الضخمة المتوفرة في مجال البيانات فسنرى عدداً كبيراً من الشركات الناشئة.

تفخر المملكة العربية السعودية بتاريخٍ ثري من التنمية الاقتصادية في قطاعات التعدين والبتروكيماويات والمصارف والاتصالات وغيرها من المرافق الأساسية. واليوم تلوح في الأفق فرصٌ جديدةٌ للتنمية. يتساءل البعض إذا كان قطاع تقنية المعلومات سيكون القطاع التنموي الأكبر القادم في المملكة؟

إن رؤية المملكة العربية السعودية 2030 للمستقبل، كما يراها الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، هي «خطةٌ طموحٌ ولكن غير مستحيلة»، فهو يعتبر أن هذه الرؤية «تعبّر عن أهدافنا وتوقعاتنا طويلة المدى وتعكس نقاط القوة والقدرة لدى بلدنا».

ومن الجدير بالذكر أن زيارة سمو الأمير محمد بن سلمان الأخيرة إلى الولايات المتحدة شهدت لقاءه برواد التقنية ورؤساء شركاتها الكبرى مثل مايكروسوفت وأمازون وجوجل، فضلًا عن بعض شركات الأعمال المبتكرة مثل فيرجن هايبرلوب ون وأوبر وشركة سناب. وفي الواقع كان وادي السيليكون محور التركيز الرئيسي في هذه الزيارة.

فما العوامل التي ستؤثر على قدرة البلد على تأسيس منظومةٍ تقنيةٍ جديدةٍ ومزدهرة، في ظل بيان ولي العهد وقدرة الدولة السعودية على بناء هياكل صناعية أساسيةٍ تدعم قطاعات الإنشاء وإنتاج الأغذية وتوفير المياه؟

تحدث مؤخرًا المديران الإقليميان لشركة هيوليت باكارد إنتربرايز (HPE) في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة حول العوامل الحاسمة الرئيسية التي ستساهم في تحقيق تلك الرؤية، من منظور الشركة. تأسست شركة إتش بي في مرآب منزل عام 1939 وارتبطت بوادي السيليكون منذ أوائل نشأته بصفتها مركزًا للابتكار العالمي.

ويعود وجود شركة إتش بي في الشرق الأوسط إلى سبعينيات القرن العشرين على الأقل عندما كانت منشآت النفط الكبرى تتطلب معدّاتٍ ضخمة لتجري عمليات حاسوبية كثيفة. أما اليوم، فترى الشركة أن للحوسبة السحابية تأثيراً ملحوظاً على تطور ونمو التقنية في المملكة العربية السعودية.

ويتّضح منظور الشركة من خلال تصريح محمد الجاسر، المدير العام لشركة هيوليت باكارد إنتربرايز في المملكة العربية السعودية، إذ قال: «لقد بدأنا نرى زيادةً في تجمعات مراكز البيانات في جميع أنحاء المنطقة، بالتالي لا نعتقد أنه توجد مشكلة في تطور البنى التحتية».

كما يرى الجاسر في قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة الحجم بيئةً خصبةً لنمو التقنيات السحابية، خاصةً في مجالات مثل البلوك تشين وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي. ونظرًا لأن التقنية السحابية تسمح باختبار وتجريب الابتكارات التكنولوجية عبر الخادم السحابي باستثمار مبدئي بسيط، سيكون الاعتماد على النفقات التشغيلية بدلًا من النفقات الرأسمالية ميزة ترجح كفة التقنية السحابية.

وتشترك مع شركة إتش بي في طموحاتها لتأسيس مراكز بيانات لعملياتها في المملكة كلٌ من شركة جوجل وعملاق التقنية شركة أمازون لخدمات الإنترنت (AWS)، وفقًا لما أوردتهُ وسائل الإعلام. كما تسعى شركة أوراكل المؤثرة في عالم التقنية إلى الاستفادة من الفرص الإقليمية السانحة من مراكز البيانات في المملكة العربية السعودية.

وقد أشار آرون خيهار، نائب الرئيس الأول لتطبيقات الأعمال في أوراكل الشرق الأوسط، إلى تقرير تحليلي صادرٍ عن مؤسسة البيانات الدولية يفيد بأن الطموحات الحكومية لتنويع الاقتصاد في المنطقة ستؤدي اليوم إلى سياساتٍ تقدمية لحوكمة البيانات ستصب في تشجيع تبني التقنية السحابية وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.

ثمة أهمية بالغة لارتفاع معدلات التطبيقات التي تعتمد على التقنية السحابية بشكلٍ أساسي؛ فهذا يعني أن مفهوم الابتكار اليوم يعتمد على فكرة التواجد الدائم على الإنترنت.

غير أن مفتاح النمو والمستقبل المستدام لشباب المملكة لن يكون تشجيع شركات تقنية المعلومات الأجنبية على استضافة مراكز بياناتها القائمة على التقنية السحابية في المملكة، بل سيكون في تطوير هذه البنى التحتية بعقول وسواعد سعودية. ولم تدّخر المملكة جهدًا في المضي نحو هذا الهدف بخطواتٍ واسعة.

حيث احتلّت السعودية في عام 2017 المركز السابع والعشرين على مستوى العالم من حيث براءات الاختراع التي مُنِح منها 223 براءة اختراع لمؤسساتٍ سعوديةٍ مبتكرة، نذكر منها على وجه الخصوص جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وشركة أرامكو السعودية. وهذا ما جعل السعودية تتفوق على سائر العالم العربي في منح براءات الاختراع، وكانت أبرز الابتكارات في مجالات مثل تقنية النانو.

إذا أدمجنا الابتكار السعودي مع القدرات الضخمة المتوفرة في مجال البيانات فسنرى عددًا كبيرًا من الشركات الناشئة، فالأفكار المبتكرة ستصبح محط أنظار العالم بسرعةٍ كبيرة.

ومن المؤكد وجود العديد من الفرص المتاحة للمبتكرين والفرق الصغيرة المحلية في ظل تركيز رؤية المملكة العربية السعودية 2030 على العوامل الاجتماعية المنصبّة على المواطن، وكذلك مع موجة تشييد المدن الذكية السائدة في شتى بلدان منطقة الخليج.

لا بد وأن البلد يتفهم الحاجة إلى نشر المعرفة على المستوى المحلي بفاعلية أكبر، وخير دليلٍ على ذلك هو العمل المنجز بالفعل في إطار رؤية المملكة العربية السعودية 2030. لقد أعلن البلد عن نيّته في بناء خبراتٍ وطنية في مجالات التصنيع والصيانة والإصلاحات والبحث والتطوير، وهي قطاعاتٌ يستحيل النهوض بها في هذا العصر دون تقنياتٍ متقدمة.

إن الفرص المتاحة لشركات التقنية للاستثمار في بناء الخبرات والقدرات السعودية لامتناهية، مما يمنح قطاع تقنية المعلومات السعودي البيئة المثالية للازدهار.

Ⅶباحث اجتماعي

 

 

Email